أغلب المدخنين يبدأ صباحه بالسعال والإحساس بالحرقة والانزعاج في البلعوم والحرمان من التمتع بلذة طعم المأكولات الموجودة بين يديه ويعاني من قلة الشهية وسوء الجهاز التنفسي والتهابات الحنجرة والمعدة. ولكنه رغم ذلك يواصل تدخينه ولا يهتم بالتحذيرات من مخاطر التدخين حتى يصل إلى مرحلة (وقوع الفأس في الرأس) فيصاب بالسرطان وأمراض القلب وإنسداد الشرايين ويندم حين لا ينفع الندم. إن الأمراض الناجمة عن التدخين لا تعد ولا تحصى ولا يكاد ينجو عضو من أعضاء الجسم وخلية من خلاياه من هذا الضرر، فالجهاز التنفسي يحظى بنصيب وافر من هذه الأضرار، فمن التهابات الفم والأنف والبلعوم إلى حالات سرطان الحنجرة وسرطان الرئة والجهاز الهضمي يؤثر فيه التدخين بعدة أشكال منها التهابات المعدة والقرحة الهضمية والتهابات القولون وتشنج الامعاء وضعف الشهية وانتفاخ البطن بالغازات. أما القلب فيصاب بانسداد شرايينه وارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب الأخرى. تلك هي باختصار يوميات المدخنين ومصيرهم المحتوم. بداية التدخين يقول عبدالله علي البكير (46 عاماً) وهو أحد المدخنين الذين أصيبوا بسرطان الحنجرة بسبب التدخين: دخنت التبغ وعمري (13) عاماً وكانت البداية عندما جلست مع أصدقاء لي كانوا يدخون ويشربون الشيشة ودعوني إلى الشاي وأعطاني أحدهم سيجارة دخان فدخنت معه ومن بعدها أصبحت مدخناً ولم يكن هناك وقتها توعية أو توجيه من الأهل واستمررت على التدخين لسنين عديدة حتى أنني إذا شممت رائحة الدخان من بعيد ولم يكن عندي سجائر أذهب أينما وجدت هذه الرائحة ولو على بعد. وقد جربت جميع أنواع التدخين وأصبحت أزيد عدد السجائر كل فترة ثم تركت التدخين لفترة واتجهت للشيشة ظناً مني أنها أقل ضرراً وعدت بعدها للتدخين أكثر من ما مضى. بداية المرض وفي عام 1416ه وبعد عشرين عاماً من تدخيني أصبت بضربة برد وانفلونزا ونصحني الطبيب بترك التدخين إلا أنني لم آبه لما قال ثم عاودتني الأمراض بعدها بفترة وكشفت بالمستشفى وقال لي الأطباء أن هناك اشتباهاً في ورم في الحنجرة وفي عام 1421ه اثبتت تحاليل مستشفى الملك فهد بجازان وجود ورم سرطاني وكانت صدمة كبيرة لي تمنيت وقتها أنني لم أعرف التدخين ولم أجلس مع أصدقائي السابقين ولم أتعرف عليهم. وتوقفت عن التدخين وقتها نهائياً، ونظراً لتدهور حالتي النفسية والصحية فقد شملني صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز بكرمه وتكفل بعلاجي في مستشفى الملك فيصل التخصصي. التدخين القسري والسرطان ويضيف عبدالله البكير: راجعت مستشفى الملك فيصل التخصصي وقاموا باعطائي علاجاً كيميائياً ونجح معي هذا العلاج وتحسنت حالتي حتى رافقت في أحد الأيام زملاء لي في الرياض وكان أحدهم يدخن في السيارة مما أثر علي وأصابني بصداع وسعال عنيف فعاودتني الأمراض أكثر من السابق وعدت مباشرة للمستشفى وكانت حالتي الصحية سيئة جداً حيث قرر الأطباء استئصال عاجل للحنجرة بشكل كامل. ونجحت العملية إلا أنني أصبحت عاجزاً عن النطق إلا باستخدام جهاز مساعد في الحنجرة أضغط عليه بأصبعي عندما أريد أن أتحدث وأقوم بصيانته ومراجعة المستشفى عند تعطله المتكرر مما أثر على نفسيتي وأصابني بصدمة كبيرة وأفقدني الشيء الكثير إلا أنني أتمنى أن أكون عظة لغيري والحمد لله على كل حال. العلاقات المرضية مع التدخين من جانبه يشير عضو الجمعية الخيرية لمكافحة التدخين والمشرف على برنامج مكافحة التدخين الدكتور عبدالله البداح أن الكثير من العلاقات المرضية مع التدخين قد ثبتت من حوالي (150) عاماً إلا أنها لم تتأكد نتائجها بصورة قاطعة إلا قبل حوالي سبعين عاماً. ويقول البداح: نبتة التبغ تحتوي على ما يقارب (6) آلاف مركب ما بين شكل غازي وصلب وسائل وأهم مركباتها القطران، ويلعب دوراً رئيسياً في إحداث السرطانات وكذلك النيكوتين وغيره من المواد المسرطنة. احصائيات التدخين وحول وجود دراسات عن حجم مشكلة التدخين في المملكة يذكر الدكتور البداح أنه لا توجد دراسات شاملة تبين حجم مشكلة التدخين ولكن هناك تقديرات بناء على دراسات في بعض المناطق ومنها أن الذكور في المملكة (15) سنة فما فوق ما بين 35٪ - 40٪ مدخنون بينما الإناث من 5 - 10٪ مدخنات نظراً لاخفاء الكثير من المدخنات تدخينهن ونظراً للتأثير السلبي القوي لبعض وسائل الإعلام والفضائيات وإعلانات التدخين خارقة الحدود التي تشجع المرأة على التدخين. أما طلاب المدارس فقد اثبتت عدة دراسات أن طلاب المدارس من المرحلة المتوسطة والثانوية ما بين 15٪ إلى 25٪ مدخون و3٪ - 5٪ من الطالبات مدخنات واحتمالية زيادة هذه النسب واردة بقوة نظراً لأن الطلاب والطالبات يخفون أيضاً اعترافهم بالتدخين حتى لو أمنوا سرية المعلومات من الباحثين. وهذه أرقام مخيفة فقد قتلت أمراض التدخين في القرن الماضي (100) مليون نسمة في العالم وهو ما يفوق قتلى الحرب العالمي الأولى والثانية ويقدر أن تقتل في هذا القرن (1000) مليون نسمة 10٪ منهم من دول العالم الثالث ولن نستطيع التخفيف من هذه الأرقام الكارثية إلا إذا امتنع المدخنون عن التدخين وإذا تمت حماية الصغار والنشء من التدخين. الإمغزيما والتدخين وينصع عضو الجميعة الخيرية لمكافحة التدخين د. البداح المدخنين بالتوقف الفوري عن التدخين ومراجعة عيدات مكافحة التدخين مؤكداً بأن من يقلع لديه فرص جيدة لحماية جسمه من أمراض التدخين التي يعد سرطان الرئة أشدها إيلاماً وتعذيباً للإنسان ومن ذلك الأمغزيما وهي مرض الرئة بسبب تدخين التبغ وتمددها وتدمر أجهزتها بما يجعل الشخص المصاب بها يتمنى أن يموت على تحمل آلامها ولا يستطيع النجاح منها إلا باستئصال الرئة بعد توفيق الله، ويقول البداح: سرطان الرئة سابقاً في الترتيب السابع بين السرطانات المنتشرة بالمملكة وقبل ثلاث سنوات أصبح يحتل الترتيب الرابع ثم حسب الاحصائيات الأخيرة للسجل الوطني للأورام قفز إلى الترتيب الثالث نتيجة انتشار أمراض التدخين وحتماً سيكون في المرتبة الأولى لأننا حالياً في فترة الحضانة للمرض ومرحلة الكمون وستكون هناك أرقام كارثية لسرطان الرئة في المملكة ولا مفر أن يكون السرطان الأول ما دام بيننا مدخنون والتدخين ينتشر بكثرة وهناك من يشجع انتشاره من بعض التجار. السرطان القادم تتوقع الجمعية السعودية لطب وجراحة الصدر أن يتصدر سرطان الرئة جميع السرطانات الأخرى لدى الرجال ويكون السبب الأول في الوفاة من السرطان بحلول العام 2006م. وفي مؤتمر عقدته الجمعية في شهر ربيع الآخر من هذا العام في الرياض دعت فيه إلى التخطيط لاستراتيجية فاعلة للحد من تزايد نسبة سرطان الرئة في المملكة أشارت الجمعية إلى أن هذا السرطان انتشر بسبب التدخين حيث يتسبب التدخين في حدوث 80٪ من حالات سرطان الرئة في الوقت الذي تعتبر فيه المملكة رابع أكبر دولة مستوردة للتبغ على مستوى العالم ويباع في أسواق المملكة أكثر من (15) مليون سيجارة سنوياً وتنفق المملكة على التبغ أكثر من (1,8) بليون ريال سنوياً لاستيراده. فيما يكلف تشخيص مرض سرطان الرئة (150) ألف ريال وتصل قيمة علاجه إلى مليون ريال وتزيد.