وقفت الفنانة التشكيلية الأمريكية لوري غودارد وسط حشد من مثيلاتها من بنات الوطن المبدعات في العاصمة الرياض، وهن: صالحة الفتة، وريم الحكير، ومليح عبدالله، ونجاح الشاطري، وميمون الشاعر، ومشاعل الكليب، لتعلن لهن بأنها درست الفنون على كبر وهي تخطو الآن خطوات قريبة من عقدها السادس من العمر. لم تكن لوري فنانة تشكيلية بالفطرة بل إنها بدأت بدراسة علم الجيولوجيا ومن خلال حبها للسفر وزيارتها لأحد متاحف اليابان استوقفتها لوحة جدارية يابانية تتضمن الأحرف اليابانية بأشكالها شبه الرمزية والتي أصابتها بالدهشة وعمق التفكير وجعلها تدرك مدى أهمية الفنون التي تعتبر بمثابة "غلاف" كتاب يجذبك بأن تتصفح أوراقه وتتعرف على الحقبات التاريخية وعادات وتقاليد وثقافة الشعوب في الماضى والحاضر. كما أنها أدركت مدى عمق وثقافة الفنان الذي يعكس هذا التاريخ بأساليب متعددة ومختلفة نابعة من مهارات اكتسبها عبر الزمن بالممارسة والاطلاع والبحث ليصل إلى ما يرضيه ليصبح بذلك فناناً تشكيلياً ينتج أعمالاً فنية تحمل سمات أصيلة في الطرح والمضمون. تركت لوري دراستها في علم الجيولوجيا واتجهت لدراسة الفنون وهي في عقدها الرابع من العمر لأنها وجدت من خلال الفن السعادة التي كانت تبحث عنها، فعندما ترسم في جو شديد الحرارة تتخذ من ألوانها الباردة الصافية وهي درجات اللون الأزرق والأخضر ما يسعدها بتلوين لوحة، فتجعلها تشعر وكأنها في جزيرة وسط المحيط يحيطها مناخ الألوان الهادئة، وعندما تشعر بالبرد فإن ألوانها تميل إلى الأحمر والبرتقالي والأصفر فتبعث في نفسها الشعور بالبهجة والفرح والدفء معاً. ورغم حداثة عمر تشكيليات بنات الوطن اللواتي التقين الفنانة الأمريكية وعرضن لوحاتهن أمامها، ورغم انتماء أغلب هذه الأعمال إلى المدارس الحديثة باستخدام خامات متنوعة وأساليب فنية معاصرة وتوظيفها لموضوعات جاء بعضها تعبيرياً والآخر رمزياً، فإن ما يلاحظه المشاهد جمال الألوان ووعي التشكيليات بالأسس الأكاديمية الصحيحة لبناء العمل الفني. كلمات لوري خلال اللقاء استوقفتني كثيراً فهي محقة بأهمية دعم الفنان لزميله وهي محقة بأن الهدف من الفن ليس الكسب المادي بالمرتبة الأولى ولكن هذا الكسب ربما يأتي في مراحل متقدمة من عطائه وصناعته لتاريخ حافل بهذا العطاء. ولكي يدعم الفنان مثيله فلابد من توافر مراسم مؤهلة فنياً يلتقي بها الفنانون ويتبادلون من خلالها خبراتهم وفي ذات الوقت الاستفادة من خبرات الفنانين الأجانب المقيمين بالمملكة أو المستضافين، وأيضاً إقامة ورش عمل ومحاضرات ثقافية يستفيد منها الشباب والشابات من خبرات الفنانين المحليين الذين سبقوهم في المجال. نتمنى وجود صالات عرض محلية تستضيف أمثال لوري ولا تكون تكلفتها عبئاً على الفنانين، كما نتمنى أن يكون هناك متحف للفن السعودي يستوقف لوري مثل ما استوقفها المتحف الياباني. والمملكة غنية بالمبدعين والمثقفين لإنشاء مثل هذا المتحف. ولمَ لا يكون لدينا كتاب عن تاريخ الفن التشكيلي السعودي مترجم إلى لغات أخرى عالمية نستطيع بواسطته التعرف على تاريخنا في المجال الفني، أو موقع على الإنترنت يحتوى على نفس المضمون؟ ولمَ لا تكون هناك رحلات وورش عمل دولية إبداعية ثقافية يستفيد منها الفنان المحلي ممن سبقونا في هذا المجال ولا تقتصر هذه الرحلات على دعوة أسماء مكررة ولا يستفيد منها الأغلبية؟ الأماني كثيرة وليس للفنان التشكيلي السعودي سوى مواصلة العيش في عالم الأحلام.. مليح عبدالله ميمونة الشاعر عمل الفنانة ريم الحكير هدى العمر