أنا إن سكت وصمت عن الكلام؛ فصمتي سيهزم، وإن حبست دموعي زاد زفيري الحار الملتهب، وسأبكي رثاءً لحال الكثيرين إن طلقوا، أو ترملوا، أو لم يكملوا نصف دينهم بالزواج. فلقد بكيت وبكيت كثيراً لهذا المصير المؤسف المؤرق للفكر وللحياة. فيا معاشر العازبين، والعازبات، والمطلقين، والمطلقات؛ لا تيأسوا وابحثوا عن الشريك بالطرق المشروعة. حتى تكون حياتكم أكثر أنساً، وترزقوا بالذرية الصالحة. هي مأساة يعيشها هؤلاء، وسينقشع الغبار بتوفيق الله، وينفض هؤلاء غبار الأسى، والوحدة حتى يعود للحياة بريقها، وبهجتها؛ فالدنيا متاعٌ، وخير متاعها الزوجة الصالحة، فحسن الاختيار هو الأهم حتى تصفو الحياة فانتبهوا معاشر الآباء. وعندما يكون الاختيار السيء يكون الطلاق لا سمح الله وتنصهر الحياة الزوجية، وتذوب الأماني، وكذا عندما يقرر الرجل العزوف عن الزواج لأن أمامه عقبات ألم يعلم أن الله عز وجل سيعين بفضله طالب العفاف، والزواج وسييسر له بإذنه؟! ولكن عندما يكون الطلاق وتكون العزوبية فسيندم المفرط الذي لم يتزوج، والمطلق الذي طلّق على غير أساس، وحال لسان هؤلاء يقول: داخلي ماتت السعادة، دمعتي في زيادة، مشاعري أصابتها البلادة، سئمت الوحدة قابعاً في سجن داخل نفسي المجروحة أمسح دمعتي شبح الطلاق يلاحقني شبح العزوبية يطاردني حتى أرجع إلى صوابي وأستن بسنة النبي وأتزوج وأستقر. أواسي نفسي أصبرها أحياناً وأعزيها أحياناً أخرى ولكنني لم أيأس من رحمة الله. أما من تزوج حديثاً؛ فيناشد زوجه بأن تصبح له فراشةً زاهية الألوان هي بعينه جميلة المظهر، والمخبر، تحلق به إلى بر السعادة لتملأ دنياه سروراً وتشاركه رحلة الحياة وتكون له سنداً. تراعي مسؤولياتها أمام الله وأمامه. وأما من تزوجت حديثاً فتبعث رسالةً إلى الزوج مفادها: أرجوك يازوجي العزيز أن تصبح لي حصاناً أبيض بهياً يسر النظر وأخلاقه تسر قلبك أبيض كالحصان أرجوك أريدك سراجاً وهاجاً في إخلاصك ووفائك تنشر الضياء. الزواج يا حلماً طال انتظاره فيسّروا معاشر الآباء مهمة العريس أرجوكم لا تجعلوا حلم العريس الجميل يتبخر إذا كان مصلياً لله فالصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر. أريد الزواج حقيقةً حلوةً لا يشوبها تعقيد أو طلاق، ولا أريد شروطاً قاسيةً تكون ريحاً هوجاء تبدد آمال العروسين؛ فالدنيا متاعٌ وخير متاعها الزوجة الصالحة. والدنيا وإن أعطتنا؛ فإنها تأتي بأحوال غير ممتعة على الإطلاق كالطلاق والفراق والحال لا يدوم. فيا رب أفرغ علينا صبراً. إلى كل من أقدم على الزواج لا تيأس من رحمة الله لا بد أن تلزم نفسك العدل، وتؤنب نفسك لو طلّقت، أو أسأت لزوجك. فكّر في أنّك قد تكون في أمسّ الحاجة إلى تغيير ما تشعر به من اليأس أو الانزواء وحيداً فرداً وقل رب لا تذرني فرداً وأنت خير الوارثين رب لا تكلني إلى نفسي رب أسألك من فضلك الواسع في الدنيا وفي الآخرة. وتذكروا جميعاً مطلقين مطلقات عازبين عازبات أنّه عندما كانت توقظكم أمهاتكم وأنتم في عمر الزهور؛ كانت توقظ فيكم الهمة وتوقظكم لأمور عظيمة الصلاة، الدراسة، الفلاح، وكانت توقظ فيكم العزيمة، والإخلاص، والتفاني، والتفاؤل بالحياة، وتقول بصوتها الشجي: ولدي انهض بنتي انهضي. وما زالت الألسنة تلهج بالحوقلة والدعاء أن يوفق الله الراغبين بالعفاف.