قالت دراسة اجريت في احدى الجامعات الأوربية المشهورة ان الأشخاص الذين لا يتزوجون يموتون قبل المتزوجين أو المطلقين، وقد اجريت هذه الدراسة على اكثر من سبعين الفا، واوضحت ان 27% من الموتى هم من المطلقين او المنفصلين مقابل من كانوا متزوجين ومازالوا يعيشون معا، اما الأرامل فبلغت نسبتهم من اعداد الموتى 39% فيما بلغت نسبة غير المتزوجين نحو 58%، وعلى الرغم من عدم وضوح السبب وراء هذه الظاهرة إلا ان العلماء الذين اجروا هذه الدراسة بينوا ان مؤسسة الزواج توفر الارتباط الاجتماعي الذي يؤثر كثيرا في حياة الإنسان لان هذا الارتباط يجعل الإنسان اقل عرضة للتوتر والاكتئاب، فهو يجد من يحبه ويعتني به وقالت الدراسة ان الشعور بالوحدة والاكتئاب والضغوط النفسية ترافق العازفين عن الزواج. أحد عزاب الدهر ممن جاوز الستين قال عند عرض الدراسة عليه ان هذه الدراسة مثيرة للاهتمام، وان الأجل بيد رب العالمين، أما عزوبيته "فقسمة ونصيب" فقد أدى انشغاله بعمله خارج بلاده، واضطراره للسفر كثيراً وحرصه على القيام بعمله باتقان ومهنية عالية فضلاً عن تجارب عايشها مع عدد من اصدقائه ومعارفه تزوجوا وانتهى زواجهم بالطلاق، كل ذلك شجعه على عدم الارتباط والزواج، وقال ان القاسم المشترك بين الزواج والعزوبية هو "الندم" فالمتزوج نادم لأنه ابتلي بالزواج والأعزب نادم لأنه لم يتزوج. من جانبه قال عازب تجاوز منتصف العمر تعقيبا على نتائج الدراسة ان هذه الدراسة مفاجَأة، ولم يخطر بباله يوما التفكير في الموت، فهو رجل سرقته مهنته- الإعلامية - وظروفه الأسرية التي جعلته يقضي الكثير من السنوات مهتما بالظروف الصحية لاحد والديه، كما أنه مر بتجربة خطبة لم يكتب لها النجاح، وقال انه غير نادم على عزوبيته، فالعزوبية خلل يمكن تصحيحه إذا ما عثر على الإنسانة التي يتطلع للاقتران بها في حال توافر الحد الأدنى من مقومات مؤسسة الزواج. وقال عازب في منتصف العقد السابع من العمر ردا على نتائج الدراسة أولا: الأعمار بيد الله وثانيا كان لانشغاله بمن يحيطون به السبب االرئيس في عزوفه عن الزواج لانه تحمل مسؤولية اسرته واهله فضلاً عن الظروف المأساوية التي مرت بها بلاده لسنوات عديدة مما حال دون مجرد التفكير في الزواج، وهو ليس نادما على قرار العزوبية الذي اتخذه عن قناعة تامة بعد تفكير طويل وعميق، ولا يزعجه وصفه بالعانس بل انه يرد على اصدقائه حين يعرف بنفسه. "أنا شيخ العوانس" فحبه للناس ولاصدقائه ومعارفه الكثيرين يبعد عنه الشعور بالوحدة او الاكتئاب حيث لا ينقصه شي ء من مباهج الدنيا ومسراتها، وهو ينتظر قضاء ربه متى جاء. وقال عازب مزمن يحمل درجة الدكتوراه في الفلسفة ان الدراسة قد تنطبق على الغربيين اكثر من انطباقها على الناس في بلادنا، فطبيعة العلاقات الإنسانية والاجتماعية تختلف اختلافا جذريا بيننا وبينهم، وضرب مثلا بكبار السن الذين يكتشف موزع الحليب في المدن الأوربية موتهم بعد ان يجد قوارير الحليب التي يضعها امام أبواب بيوتهم كما هي يوما بعد يوم أو يكتشف الجيران وفاة احد هؤلاء من رائحة الجثة. وقال عن اسباب عزوبيته انه وأثناء اعداده لنيل شهادة الدكتوراه تعرف بفتاة كانت قد نالت شهادة الماجستير، وتوطدت العلاقة بينهما واتفقا على الزواج لكنها تعرضت لحادث سير أودى بحياتها، ولشدة حزنه عليها أقسم ألا يتزوج. وكان لنا لقاء مع عانس في الخامسة والستين مشهور بخفة الدم وروح الفكاهة والدعابة وعرضنا عليه نتائج الدراسة فضحك بصوت عال وقال إن العجائز العزاب في الغرب يعيشون في مآوي العجزة واذا عاش احدهم في بيته فلا أحد يعتني به، لذلك فهم يعانون من الاكتئاب والوحدة ويموتون دون أن يشعر بهم أحد على العكس مما يحدث في بلادنا. فالاخوة والأقارب والجيران والمعارف يتسابقون لخدمة العجائز مثلنا عزابا كانوا أم متزوجين. من جانبه قال مختص في علم النفس تعقيباً على الدراسة ان اسباب عنوسة الرجال اجتماعية ونفسية، فمن اختارها منهم بقرار اقتنع به فهو لا يريد ان يحد من حريته الشخصية التي يتسع مداها وسهولة الحياة التي تنجم عن هذه الحرية، وهو بهذا يستغني عن مؤسسة الزواج التي تُقيده بوجود الزوجة والأولاد. وقال المختص ان بعض الرجال يخافون من الحياة المشتركة وترعبهم كلمة "زواج" لما تحمله من مسؤولية او خوف من اخفاق التجربة او بسبب التشاؤم، واخيرا الانانية المطلقة عند بعض الرجال الذين يعتبرون انفسهم محور العالم ولا يقبلون ان يشاركهم احد هذا الاحساس. وقال ان هناك اسبابا اجتماعية تضع بعض الرجال امام واقع يعرقل الزواج كالانصراف الى العمل، وفقدان الوقت او نتيجة لظروف عائلية او احداث كبيرة تشغله عن الزواج.