لم يدر بخلدي يوماً أن دخولي القفص الذهبي سيحيل حياتي إلى كابوس مزمن،وسيجعلني مثل آلة الصراف، ويجعل أعصابي كالزيت المغلي، وخزينتي فارغة. فبعد الكد والكدح وجمع المال سنين طوالا، تم الزواج، وليته ماتم، لأني رزقت بزوجة محبة للمال، والأنا، وارتياد الأسواق. قد أصابها السعار. لم أصدق أنني تزوجت بعد طول انتظار، وتزوجت وطلقت العزوبية للأبد، وفتحت صفحةً جديدةً لعل الحال يكون أحمد. ولقد سلخت حياة العزوبية، وبدلت جلدي بجلد آخر، علني أرتاح،وأستقر، وتكون أيامي أكثر جمالاً. بعيداً عن شبح العزوبية ومتاعبها، ففي العزوبية لم يكن لي أنسٌ إلا عندما أتسامر مع أصدقائي في الاستراحة، أو مشاهدة التلفاز، أو تصفح الإنترنت، أو قراءة كتاب،أو زيارة. ولقد غذّت حياة العزوبية وجداني بكل معاني الأسى. فلا أحد يؤنس وحدتي،أو يعد لقمتي، أو يغسل هدمتي، أو يمسح دمعتي. فقررت قراراً لا رجعة فيه وهو الزواج المخلّص لما أنا فيه. وكنت دائماً أقول لله در من تزوجوا قبلي، وعندما تزوجت وبدأت المشاكل صرت أقول قبح الله من تزوجوا بعدي، وأقول عظّم الله أجركم في مصابكم الجلل وعظّم الله أجركم في الريال، ونحل الحال، وفي الخصام، وفي المسؤوليات الجسام .مصاريف معازيم أفراح ارتياد عيادات زيارات سفريات...وليس أحد أحسن من أحد!! الآن فهمت ماقالت جدتي. فليت العزوبية تعود يوماً فأخبرها بما فعل الزواج.الآن أنا أصبحت ممنوعاً من الفرح، وراحة البال مما ابتلاني. زوجةٌ لاتكف عن الطلبات؛ الثلاجة فارغة، خزانة الملابس اشتكت من الملابس القديمة، ولا بد من تبديلها...شيء يجعل الصخر يبكي! سيلٌ من الطلبات للبيت وللزوجة المحترمة وللأولاد ولتقليد فلانة وعلانة وللكماليات وإلّا أحالت الزوجة حياتي إلى جحيم. حتى الأطفال أصبح لا يملأ عيونهم إلا التراب! من للضعيف فما له من حيلة !والقلب الجريح ينتحب،وتنهمر الدموع. مهلاً يازوجتي ياطفلي ياطفلتي حنانيكم كفاكم تطلبون؛ فلقد أثقلتم كاهلي، وأنتم تدرون، وتنظرون. حرامٌ عليكم حرام!ماذا تريدون؟! جلطةٌ تصيبني أم مرض سكر أو ضغط قتلتوني بدون سلاح حرام حرام. مرت سحابة تراقب حالي،وقد ذرفت قطرها دماءً رثاءً لحالي،فهل السحابة أرحم لي من عيالي؟! ليس يومي أحسن من أمسي ؛فيومي يعذبني،وأمسي يعذبني .فماذا أفعل؟! أصبح جيبي تقريباً خالياً من النقود. حتى مشاعري ماتت من الجحيم الذي أعيش فيه. أوّاه لحظي فخير فالدنيا متاعٌ، وخير متاعها الزوجة الصالحة فأين أنا من ذلك!غدوت أفتش عن سبب تعاستي هل كانت والدتي _رحمها الله _ غير راضية عني،أم ماذا فعلت في حياتي؟! أصبحت كثاو على ركبتيه، وقد رفع يديه إلى السماء يقول: ياربي ياحبيبي هذا هو نصيبي، فأجرني في مصيبتي واخلفني زوجاً خيراً من زوجي وعيالاً أبر من عيالي، فافرجها يا الله.