من الطبيعي أن تكون حفلات رابح صقر حدثاً جماهيرياً لافتاً، الزحام في سادس حفلات «الربيع» كان شديداً في سوق واقف. لم يكن هاجس الجمهور إلا الاستمتاع بما سيقدمه الفنان على المسرح من غناء وقيادةٍ لفرقته الموسيقية بشكل «مدروس». الصقر يعرف جيداً ماذا يريد الجمهور منه، وهنا تكمن القيمة الفعلية للفنان الذي يتجاوب مع فرقته وجمهوره في آن واحد. ورغم أنه لم يجر أية بروفات خاصة للحفل، إلا أنه أكد بأنه ما جاء للمهرجان إلا ليشاهد الجمهور ويستمتع معه بكل عفوية ودون تحضيرات مسبقة، «وسألبي لهم كل ما يطلبون لكن هناك أغنية من جديدي سأهديها لهم». المدرجات المفتوحة والتي تتسع لثلاثة آلاف متفرج فضلاً عن أروقة المسرح، والازدحامات في ساحة سوق واقف، جعلت اللجنة المنظمة تستعجل نهاية الوصلة الأولى للفنان الأردني مرير الشوق، لاسيما وأن الجمهور الكثيف ردد اسم رابح كثيراً. وكانت لحظة صعود الإيقاعي الشهير «بو رايش» إلى منصة المسرح من اللحظات الملفتة، حيث ضج الجمهور بتصفيق متواصل، وفي تلك المسافة الزمنية الفاصلة بين صعود رابح على المسرح واستعداد الفرقة الموسيقية، ردد الجمهور بصوت واحد «بو رايش»، ثم بدأ عزف أغنية «تحط عينك بعين الشمس» ثم صعد رابح ليتحرك الجمهور تمايلاً مردداً «ثنتين» دلالة لمعرفة ماذا يريد الفنان والجمهور من بعضهما البعض، في قصة «تفاهم وتناغم» بين الطرفين منذ أكثر من 30 عاماً. لم تكن وصلة الصقر عادية بل استثنائية، للكثافة الجماهيرية وثقة رابح وإمكاناته على المسرح والتي جعلت منها وصلة مدهشة. «ما في كلامي شي» أغنية تحمل فكراً ولغة إيقاعية جعلت الدكتور هاني فرحات يقفز على المسرح متنقلاً بين عازفيه بحماس. «وين أنت» سمعها الجمهور كثيراً لكنه لم يمل منها خاصة على المسرح، التعاطي مع العمل الفني والجمهور لغة لا يعرفها إلا من تسيد المسرح مثل رابح. تبعها بأغنية «يعني خلاص» التي احتوت على انقلاب في النغم الشعبي بالتوزيع الموسيقي ما جعلها ترتقي لمسمع الجمهور، ثم غنى «عشرة أشياء» وأغنية «صدقني» الحاضرة في أذهان الجمهور الذي رددها بشكل هستيري، ثم أتبعها بأغنية «يحقلك»، ثم «ما عاد تسأل». وقبل ختام الصقر في أغنية «مقصر سؤالك» تم وضع الحواجز وبعض من رجال الأمن الصناعي. وإجمالاً تعتبر الحفلة الأبرز والأنجح بالحضور الجماهيري الغفير، تناول فيها رابح أعماله بما يتناسب مع هذه المناسبة.