أوصى صاحب السمو الملكي الأمير سطام بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض -رحمه الله- بدفنه في مقبرة العدل بمكةالمكرمة، وذلك بجوار قبر شقيقه الأكبر الأمير ماجد بن عبدالعزيز -أمير منطقة مكةالمكرمة الأسبق-، حيث جمعتهما الحياة حباً، وتقديراً، ووفاءً، وقبل ذلك أخوة صادقة مع بقية إخوانهم من أبناء وبنات الملك عبدالعزيز، واليوم يجمعهم الموت في المثوى الأخير من مقبرة العدل، حيث يكون الوداع بين السابق واللاحق مسافة بين الحب والحب، والقدر الذي يحضر بين الأول والآخر لا يفصله سوى الزمن الذي أخذ منهما الأول قبل الثاني..ولكنهما يلتقيان تحت الثرى، ودعوات المحبين لهما بالرحمة والمغفرة، وجنة الخلد تجمعهما. لقد جمعت الأمير سطام والأمير ماجد -رحمهما الله- مواقف كثيرة، وقصص رويت وأخرى لم تروَ؛ فقد كانت العلاقة بينهما أكثر من أخ يحب أخاه، ويحترمه، ولكنها علاقة محبة أخذت من كل واحدٍ منهما قلبه، وروحه، وأمانيه، وطموحاته، وبقيت فيهما الحياة صدقاً، وابتسامة، وأملاً.. ويكفي أن نستشهد بجامع والدة الأميرة ماجد بن عبدالعزيز في الرياض؛ حين كان الاسم، والفعل، والأجر مشتركاً بين الشقيقين، ووالدتهما الأميرة "موضي" -أم الفقراء- التي كانت هي المدرسة الأولى لهما، حيث تركت لهما الحياة، ولكن بقي منهج حب الخير فيهما، وذريتهما. رجل الخير لم يكن الأمير سطام بن عبدالعزيز في اللحظات الأخيرة من مرضه طامعاً سوى في رحمة الله، ومغفرته، وثوابه، وهو الرجل الذي عُرف عنه في حياته، ومسيرته حبه للخير، والعمل الصالح، وقربه من الفقراء والمحتاجين، والسؤال عنهم، وتلمس احتياجاتهم، بل أكثر من ذلك مواساتهم، والتبرع لهم.. فهو الرجل الذي تاجر مع الله في مواقف كثيرة، ومشهودة، وبقي إلى آخر حياته باذلاً، شافعاً، معيناً، قريباً من كل محتاج.. الأمير سطام وهو يودعنا إلى مثواه الأخير بقي فينا رجل دولة، ومواطنا صالحا، وأميراً محباً للخير، وإنساناً صادقاً، ووفياً.. بقي فينا حباً نطبعه في قلوبنا.. حين نودع الرجال الصادقين الأوفياء مع الله والمليك والوطن. مكةالمكرمة إنفاذ وصية الأمير سطام تأخذ من دلالة المشهد، والموقف؛ حسن الاختيار إلى مكان الرحيل، والغياب الطويل، ويسكن فينا الرجاء، والأمل بأن يكون قدسية المكان في مكةالمكرمة شاهدا على ذلك، وهي التي خصها الله تعالى في كتابه العزيز بالتكريم، وأقسم بها، وأعطاها ما لم تحظ به أي مدينة في الدنيا؛ ففيها تكون الكعبة المشرفة، والمسجد الحرام. وتعد مقبرة الأمراء التي ووري فيها جثمان الأمير الراحل سطام بن عبدالعزيز يرحمه الله من أشهر وأقدم المقابر في العاصمة المقدسة، وذلك لضمها قبور عدد من الأمراء، كما تضم قبوراً لعدد من العلماء وأعيان مدينة مكةالمكرمة على مرّ عشرات العقود. مقبرة العدل وقد أُنشئت مقبرة العدل عام 1345ه، وهي الثانية بعد مقبرة "المعلاة" بمنطقة الحجون، وتقع إلى الشمال الشرقي من المسجد الحرام، وإلى الشرق من مبنى إمارة منطقة مكةالمكرمة، ويفصلها عن مبنى إمارة مكةالمكرمة شارع فرعي بطول مائتي متر تقريباً وعرض حوالى سبعة أمتار تقريباً، وتصل مساحتها إلى حوالى خمسين ألف متر مربع، وقد تم لاحقاً تحديث جزء من المقبرة وهي المنطقة شبه الجبلية التي تتوسطها وعمل قبور إضافية فيها. وقد دفن في ثرى المقبرة عدد من علماء الدين والأمراء منهم الأمير نايف بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد الأسبق، والأمير منصور بن عبدالعزيز، والأمير مشاري بن عبدالعزيز، والأمير ماجد بن عبدالعزيز، والأمير فواز بن عبدالعزيز، والأميرعبدالله الفيصل الوزير والشاعر، وابنه الأمير محمد بن عبدالله بن فيصل آل سعود. مقبرة العدل بمكة المكرمة