حينما خرج رئيس النصر الأمير فيصل بن تركي عبر بيانه الشهير في أكتوبر الماضي صارخاً بتحدٍ في وجه بعض النصراويين: "من أنتم حتى تحاسبونني في عملي؟!. أنا باقٍ في رئاسة النادي ولا يهمني تأليب الجماهير"، قبل أن يضيف قائلاً: "من يعمل لابد أن يخطئ، ونحن ننافس مع بقية الأندية على البطولات الأربع المحلية"، خرج على إثر صرخته أكثر من صوت ليقول له وعلى رؤوس الأشهاد ارحل، في حراك بدا واضحاً من سياقاته وجرأته أنه أكثر من مجرد رأي خاص. كثيرون توقعوا أن يكون بيان الرئيس النصراوي وتحديه تنفيس رجل محتقن جراء الضغوطات التي يعيشها، ومكابرة شخصية كانت ولا تزال مثار جدل في الساحة الرياضية، وأول من توقع ذلك هم معارضوه من النصراويين، إذ إن كل المعطيات كان تؤشر باتجاه فشل محتوم ينتظره إن عاجلاً أو آجلاً. التوقعات بسقوط الرئيس النصراوي قبل إتمام فترة ولايته التي تنتهي هذا العام كان مبرراً إلى حد بعيد، فالشرفيون من فئة الداعمين أغلقوا صنبور الدعم المالي، والجماهير التي كانت لوقت طويل درعه الحصين في وجه مناوئيه رفعت في وجهه "الكارت الأحمر"، والإعلام الأصفر الذي نصبه في "سنوات العسل" رجل المرحلة الصعبة، وأيقونة العودة للماضي المجيد رفع غطاء الدعم عنه. هذا الواقع الصعب جعلنا كمراقبين ننظر لرئيس النصر في تحديه كما لو كان "دون كيشوت" إذ يحارب طواحين الهواء، فلا شيء ينبئ بقدرته على مواجهة جيش التحديات الذي اصطف بعدته وعتاده ليمنعه من العبور لضفة النجاح، غير أن ما حدث كان صادماً وفوق مستوى توقعات المؤمنين به؛ فضلاً عن المناوئين له، فما يعيشه النصر اليوم هو انتصار للتحدي الذي أعلنه الأمير فيصل بن تركي حينما قال مقولته الشهيرة: من أنتم؟! ها هو الرئيس النصراوي يأخذ بيد فريقه إلى موقع مميز في الدوري وفق الظروف إذ بات قادراً من خلاله على انتزاع إحدى بطاقات التأهل لدوري أبطال آسيا على أقل تقدير، كما بات على بعد خطوة واحدة لانتزاع كأس ولي العهد بعد أن حجز مقعداً مؤكداً في النهائي كمحطة "ترانزيت" للصعود لمنصة التتويج بالذهب، وبينهما حضور لافت في البطولة العربية يرشحه للقب، وقبل كل ذلك أصبح النصر قيمة فنية تليق به ككيان كبير. ثمة من النصراويين المناوئين للرئيس من يقول إن كل ذلك قد يتبخر طالما أن النصر بقيادة فيصل بن تركي لم يصل لخط النهاية بعد، وأن في مثل هذه السباقات لا يعتد بالتقدم على المنافسين في أي دورة من دورات السباق بقدر ما يعتد بتحقيق الإنجاز، ما يعني أن معركة الرئيس النصراوي وخصومه النصراويين لم تنته بعد، وأن في هكذا منافسات يضحك كثيراً من يضحك أخيرا، وقد سمعت - شخصيا - مثل هذا القول، وهو حقيقة، ولكنه الحقيقة التي يراد بها باطل!. الحقيقة المجردة من أية تلبيسات هي أن الأمير فيصل بن تركي نجح وهو على بعد شهور قليلة من نهاية فترته الرئاسية في تحديه بصناعة فريق نصراوي رائع يصل إلى النهائيات، ويرتقي المنصات، وينافس خارجياً من جديد. صحيح أنه لم يصنع "برشلونة آسيا" كما وعد في بداية جلوسه على الكرسي الأصفر الكبير، لكن يكفيه أنه أعاد هيبة النصر المفقودة، وربما يعيده للتتويج بالذهب، وطالما أنه نجح في ذلك فإن على معارضيه الآن أن يعترفوا بالهزيمة، فإما أن ينصفوه أو فليصمتوا!.