كان يكفي الأمير فيصل بن تركي أن يرفع قبضته ليصاب مدرج الشمس بفورة لا تخمد حتى ينزلها أو يغادر المكان، وكان لا يحتاج لأكثر من تصريح صحفي، أو إطلالة تلفزيونية ليقلب الأمور في النادي الأصفر رأساً على عقب. يحدث ذلك حتى والأمور في كثير من أحيانها لا تسير باتجاه ريحه. ما يؤكد ذلك أن الرئيس النصراوي الذي كان حتى وقت قريب ملهماً للمتعلقين بتلابيب آمال العودة للماضي العريق دخل في مناطق تتشابك فيها كل خطوط الصراعات؛ سواء داخل ناديه أو خارجه، مع المعارضين أو الموالين، أو حتى مع أصحاب القرار الرسمي في المؤسسة الرياضية الرسمية، ومع ذلك ظل يخرج منها إما منتصراً، أو كأنّ شيئاً لم يكن، وسلاحه في كل تلك المواجهات كان المدرج المؤمن به حد التضحية، ولو أن أحداً غيره فعل شيئاً يسيراً من ذلك لكان اليوم أثر بعد عين. إيمان مدرج الشمس بفيصل بن تركي أو "كحيلان" كما تغنى به المغرمون، بلغ حد أنهم لم يكونوا ليقبلوا انتقاده فضلاً عن مناكفته أو تحديه، وقد فعلها أكثر من شرفي فسقط مع أول جولة من جولات المواجهة، وحاول ذلك غير نجم ملهم فأديرت له الظهور، ليس الهريفي وحده بما يمثل لدى النصراويين، بل حتى الأسطورة ماجد عبدالله انقسم النصراويون حوله فكانت الغلبة في النهاية للرئيس الظاهرة. كل ذلك حازه الرئيس النصراوي، وهو لم يحقق شيئاً مما أمّل عليه المتمترسون حوله، والمتلقفون لسنى أحلامه، بل إنه ووفق أي جردة حساب، وعطفاً على وعوده البراقة، وتصريحاته الفاقعة يكون قد فشل في مهمته بامتياز، كيف لا وهو الذي وعدهم بأن يشاهدوا (برشلونة آسيا)؛ فإذ بهم لا يشاهدون حتى (خيخون)!. تلك الأحلام الوردية التي جعلت النصراويين يغطون في سبات عميق لا يودون الصحو منه تحولت إلى كوابيس، وهاهم يدركون بأن ما عاشوه من آمال لم يكن سوى سراب، ولذلك جاءت ردود الفعل تجاه ملهمهم عنيفة، بذات العنف الذي كان يواجه به مناوئوه؛ بدليل أن كل خياراته باتت ترفض جماهيراً، بعدما كانت تتم مباركتها دون أدنى تفكير؛ بدليل المواقف المتتالية التي خلفتها "ثلاثية الهلال"، وآخرها مسألة رحيل سعد الحارثي، فبعد أن كان الأخير مرحب برحيله، ولا يحرك شعرة في مفرق مشجع واحد، أصبح بين عشية وضحاها خطاً أحمر لا ينبغي على (كحيلان) تجاوزه!. المستجدات الأخيرة في البيت النصراوي تؤكد على غلبة العاطفة على كل الأمور خلف الجدران الصفراء، فلا الأفعال الإدارية والجماهيرية السابقة كانت تدلل على وجود عمل مهني وممنهج، ولا ردودها الحالية من الطرفين تذهب باتجاه الرغبة في التصحيح، فالأمير فيصل بن تركي لم يأتِ للنصر وفي يده عصى سحرية حتى تبارك كل أفعاله حتى الخاطئة منها، ولا هو يفقدها اليوم حتى ترفض كل خياراته حتى الصحيحة منها، لذلك فإن النصر إن كان يحتاج إلى شيء اليوم في ظل الحراك الشرفي والجماهيري، فهو بحاجة إلى إحداث انتفاضة، لا على الأشخاص كما يحدث الآن، وإنما على الفكر الذي ظل يغرق النصر في بحر الأوهام.