تشير بيانات التعداد للمنشآت الاقتصادية الذي تزامن تنفيذه مع المرحلة التحضيرية للتعداد العام الأخير للسكان والمساكن، إلى أن عدد تلك المنشآت في القطاعين الخاص والعام العاملة في المملكة تتجاوز الثمانمائة ألف منشأة، تتوزع حسب حجمها من حيث عدد العاملين إلى ثلاث فئات، الأولى المنشآت الكبيرة التي يعمل بها 20 عاملاً فأكثر، وتمثل نسبتها 2.6 % من إجمالي تلك المنشآت الاقتصادية، الثانية هي المنشآت المتوسطة التي يعمل بها ما بين 5 – 19 عاملا، وتمثل نسبتها 13.4 %، أما الثالثة فهي المنشآت الصغيرة التي يعمل بها 5 عاملين فما دون، وتمثل النسبه الأعلى حيث تصل إلى نحو 84 % من إجمالي المنشآت الاقتصادية في المملكة. وتضم تلك المنشآت بمختلف فئاتها أكثر من 4.5 ملايين عامل، يمثلون نسبة تقارب 50 % من إجمالي القوى العاملة في المملكة، إلا أن السعوديين لا يشكلون سوى نسبة متدنية من أولئك العاملين فهي بالكاد تبلغ 23 %، يتركز عملهم بنسبة أعلى في المنشآت الاقتصادية الكبيرة، حيث يتجاوز عددهم هناك أكثر من نصف إجمالي العاملين السعوديين بمختلف فئات تلك المنشآت الاقتصادية. في ذات الوقت يهيمن على العدد الأكبر من المنشآت الاقتصادية في المملكة كل من الأنشطة التجارية التي تشمل تجارة الجملة والتجزئة، حيث تمثل ما نسبته 48 % من إجمالي المنشآت التي تزاول أنشطة اقتصادية، وكذلك نشاط الصناعات التحويلية، الذي يليها في الترتيب وتبلغ نسبة منشآته نحو 11 %، يتركز الجزء الأكبر منها في نشاط صناعة الملبوسات، بعد ذلك يأتي نشاط الإيواء والإعاشة وتصل نسبته إلى حوالي 10 %، ما يجعل المنشآت في تلك الأنشطة الاقتصادية الثلاث، التجارية والصناعات التحويلية وخدمات الإيواء والإعاشة، التي قد تبدو غير جاذبة للعمل بها من قبل العديد من السعوديين تهيمن على نحو 69 % من إجمالي منشآتنا الاقتصادية. يضاف إلى ذلك أن الإيرادات الناتجة عن تشغيل تلك المنشآت الاقتصادية تبلغ أكثر من 2400 مليار ريال، تنال المنشآت الكبرى الحصة الأعلى منها، حيث تبلغ إيراداتها نسبة 76 % من إجمالي الإيرادات للمنشآت الاقتصادية كافة، لذا نراها جاذبة لنسبة عالية من العاملين السعوديين، إلا أن التقديرات لما يتقاضاه العاملون في تلك المنشآت الاقتصادية بشكل عام من إجمالي رواتب وأجور ومزايا وبدلات، التي تزيد قليلاً على 168 مليار ريال سنوياً، أو ما متوسطه 38 ألف ريال لكل عامل في جميع الأنشطة الاقتصادية بتلك المنشآت، يوصلنا إلى حقيقة مرة، وهي أن العامل الواحد في منشآتنا الاقتصادية، مواطناً أو وافداً يحقق لتلك المنشآت إيرادات سنوية يتجاوز متوسطها الخمسمائة ألف ريال، بينما لا ينال ذلك العامل من تلك الإيرادات سوى ما نسبته 8 % فقط، فهل لا يزال بعد ذلك ممكناً طرح التساؤل عن نأي السعوديون العمل في منشآتنا الاقتصادية ما دامت الحال كذلك ..؟!