في اللقاء الذي جمعه برجال الأعمال في مقعد تجار جدة نهاية الأسبوع الماضي، جدد وزير الاقتصاد والتخطيط الدكتور محمد الجاسر تأكيده على دقة الأرقام التي تحدث عنها في شأن تملك المواطنين السعوديين للمساكن، التي أثارت ولازالت موجة من النقد والتشكيك في صحتها بوسائل الإعلام والأحاديث التي يتداولها الناس في مجالسهم بوجه عام، حيث ذكر أن نسبة61% التي أعلن عنها هي نتيجة مسح ميداني ظهر من نتائجه أن هناك ما يقارب ثلاثة ملايين أسرة سعودية، وأن أكثر من 1.8 مليون أسرة منها يمتلكون منازل، لافتاً أن هذه النسبة هي عن أسر وليس أفراد مطالباً من انتقده، أو ساوره شك في صحة تلك النسبة أن يقوم بتحليل تلك الأرقام ويدرسها، فهي صادرة من مصلحة الإحصاءات العامة التي تستخدم المعايير الدولية في أرقامها. لا أخفيكم أنني كنت ممن يخالجهم الشك في الأرقام التي كان يصرح بها من حين لآخر عن نسبة تملك الأسر السعودية للمساكن في المملكة، وذلك حينما بدأ يتردد طرح مشكلة الإسكان منذ عدة سنوات، إلا أن عدة دراسات مسحية لمؤسسات موثوقة لا يوجد رابط مباشر فيما بينها أكدت لي صحة ودقة الأرقام التي أبان عنها وزير الاقتصاد والتخطيط. من بين تلك المصادر الدراسة المسحية التي قامت بها مؤسسة الملك عبدالله بن عبدالعزيز لوالديه للإسكان التنموي من أجل معرفة حاجة مناطق المملكة من المساكن، والتي تركزت على فئتين اثنتين من الأسر السعودية، الفئة المحتاجه للسكن والفئة الأكثر حاجة، حيث بينت نتائج تلك الدراسة أن الفئة الأولى المحتاجه للسكن تبلغ 800 ألف أسرة سعودية، والفئة الثانية الأكثر حاجة للسكن لا تتجاوز 100 ألف أسرة سعودية من إجمالي كافة الأسر المحتاجه للسكن في المملكة وتكاد نتائج تلك الدراسة المسحية وفق ما أوضحت بياناتها أن تتفق مع ما تضمنته أرقام مصلحة الإحصاءات العامة، فعدد الأسر السعودية التي أشارت دراسة المؤسسة بأنها محتاجه للسكن تمثل27% من إجمالي الأسر السعودية البالغة ثلاثة ملايين أسرة، وهذه الفئة من الأسر السعودية هي التي تقيم في وحدات سكنية مستأجرة، إلا أن حاجتها للسكن تبرز من خلال اضطرارها لإنفاق أكثر من 30% من دخلها في استئجار الوحدات السكنية التي تقيم بها، بخلاف ما عداها من الأسر السعودية الأخرى المستأجرة، التي نظراً لارتفاع دخلها نسبياً تدفع حصة أقل من ذلك الدخل لغرض السكن، أما الفئة الأشد حاجة فهي بالإضافة إلى اقتطاع السكن نسبة تفوق 30% من دخلها المتدني في الأصل، تقيم أسر تلك الفئة في وحدات سكنية مستأجرة متواضعة وربما غير ملائمة صحياً ووظيفياً للعيش بها. هنالك أيضاً التقرير الذي نشرته الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض عن واقع ومستقبل الإسكان في مدينة الرياض، أكبر مدن المملكة وأكثرها سكاناً، والذي تضمن الإشارة إلى أن غالبية الأسر السعودية في المدينة وبنسبة 56% تمتلك مساكن، ونحو 4% يتم توفير المسكن لها من أرباب العمل، بينما تبلغ الأسر السعودية المستأجرة لمساكن في مدينة الرياض نحو 40%. في سياق آخر متعلق بذات الشأن ولكن بصورة غير مباشرة، تشير البيانات المنسوبة لوزارة السياحة المصرية ان القلق الذي انتاب كثيرا من السعوديين على استثماراتهم في مصر حينما تزعزعت الظروف الأمنية مع قيام الثورة المصرية، يعزى إلى أن السعوديين يمثلون أكبر جالية عربية مالكة للعقارات بمصر، حيث يمتلكون ما تزيد نسبته عن 11% من الوحدات السكنية هناك، أو ما يمثل مليوناً وستمائة ألف وحدة سكنية في كل من مدينة القاهرة والإسكندرية ومدن الساحل الشمالي لمصر من إجمالي أربعة عشر مليون وحدة سكنية قائمة في كافة المدن المصرية. فماذا يا ترى عن عدد الوحدات السكنية التي تعود لأسر سعودية في بقية دول العالم، بالإمارات والبحرين ولبنان وسوريا والمغرب وتركيا وبريطانيا وفرنسا وسويسرا والولايات المتحدةالأمريكية وغيرها..أليست النسبة التي ذكرها وزير الاقتصاد والتخطيط بموجب تلك الشواهد تبدو متواضعة إلى حد ما..؟