ليست المرة الأولى، ولا الأخيرة أن تمتد يد إسرائيل لضرب أي هدف عربي تعتقد أنه يهدد أمنها، فالعرب بلا غطاء عسكري رادع، ولا غطاء قانوني يحتمون به، وقد أغارت إسرائيل على العراق وسورية ولبنان وتونس، وليس هناك دولة تشعر بالحماية حتى من يتحالفون مع حلفاء غربيين، سواء أمريكا أو أوروبا، وحتى خيارها بضرب مفاعلات إيران لا يزال قائماً رغم التردد الأمريكي، والامتناع الأوروبي.. ليل أمس الأول اخترقت طائرات إسرائيل المجال الجوي السوري ودمرت ما قالت إنه أحد مراكز البحث العلمي للجيش السوري، وإنها مستمرة في المراقبة والتدخل، إذا لزم الأمر، وقد اختارت الزمان الإيجابي لها حيث من المستحيل القول إنها بهذه الضربة تريد مساعدة الجيش الحر، بل الخوف أن يسيطر على مثل هذا المركز أو أسلحة كيماوية أخرى في ظروف تفكك سورية، وعدم معرفة ما ستؤول إليه الأمور في المستقبل.. بنفس الوقت لايمكن تفسير الحدث بأنه محاولة لإضعاف سلطة الأسد فهي قد دمرت ما اعتقدت أنه بداية بناء مفاعل نووي، رغم السلام غير الموقع بين البلدين، واعتدت على منصات إطلاق صواريخ في البقاع السوري، وفرصتها الآن أن تفعل ما تريد، لكن ماذا لو أصبحت سورية كلها نقاط مقاومة، وهم الذين لن يخسروا شيئاً بعد أن دمر الأسد البنى التحتية والمعالم التاريخية بما يشبه الأرض المحروقة، وقد لا تكون المقاومة الآن، بل لو تغير نمط الحكم إلى إسلامي متطرف، وهو ما تراقبه إسرائيل ودول الجوار وحتى أوروبا وروسيا وأمريكا؟ الغريب في الأمر أن بعض العرب دانوا الحادث وكذلك الجامعة العربية، لكن روسيا، وإيران وحزب الله، لم يفعلوا أكثر مما فعله العرب، وخاصة إيران التي قالت إن أي اعتداء على سورية يدخلها طرفاً في الحرب، وإن ذلك يعد أحد خطوطها الحمراء، فهل تقرن تلك التصريحات بالعمل، أم أن المقصود دول عربية، وهو الأمر غير الوارد، لأن حزب الله في لبنان هو القوة الرئيسية بتحالفٍ مع سورية الأسد، والعراق ممر عسكري وداعم مادي، والأردن محايد وتبقى تركيا التي نصبت صواريخ «باتريوت» خشية زلات الأسد في توسيع دائرة حربه وخاصة أسلحته الكيماوية، وعدا ذلك فإن تركيا لن تدخل في حرب مع سورية، وحتى لو فعلت فإن إيران لا تستطيع المواجهة معها، وهي العضو في حلف الأطلسي.. أهداف إسرائيل الحالية هي اختيار مواقع محددة تخشاها، وستقوم بضربها في الداخل السوري، وبضوء أخضر من حلفائها، وصمت من الباقين، لكن دواعي الخوف تأتي من الداخل السوري، وليس من حلفاء الأسد، سواء الدولة العظمى أو إيران وحزب الله، لأنها تعرف نواياهم وأقدمت على عملها، وهي تفهم أن رد الفعل لا يتعدى الشفاه، وهي محقة في ذلك..