يرد في معلقة الشاعر الجاهلي زهير بن أبي سلمى بيت يذكر في عجزه: ومن لايظلم الناس يُظلم. والظاهر أن أحفاد شاعرنا العظيم الذي تتفجر أشعاره حكمة وفصاحة لم يتخلصوا من هذه الجاهلية باللا شعور في هذا المعنى بالذات. ففي بحثي للدكتوراه والذي طبق على مدن المملكة الثلاث الدمام والرياض وجدة اجابت عينة الدراسة من طلبة وطالبات مرحلة ثالث ثانوية على فقرة:" إن لم تكن ذئبا أكلتك الذئاب" بالموافقة بما يقارب 70% كيف!! ولماذا؟ تهاوت جميع القيم التي لقنتها لهم كتب التربية الدينية طوال إحدى عشرة سنة عن تحريم الكذب والخداع والغش والمراوغة.. أليس هذا ما يعنيه الاستئذاب! إذا لم يعوا فهم سيعوون كالذئاب، كيف؟ إذا لم يعوا _ ما أجابوا عليه بالموافقة فهذا تدنٍ لحصيلتهم الثقافية اللغوية. وإن كانوا على وعي تام بالموافقة فهو مصيبة سيدفع ثمنها هذا الوطن. هؤلاء أمامهم المرحلة الجامعية ثم ينخرطون في الوظائف ليستأذبوا لئلا تأكلهم الذئاب، كما أن هذا المثل يدعم سوء الظن بالناس وأنهم مجموعة ذئاب مفترسه تنهش وتفتك من أمامها. وقد يعلل البعض انه في ثقافتنا نطلق عبارة( فلان ذيب) أي شخص نابه لا يُخدع. وهناك بون كبير بين المعنيين على الأقل من وجهة نظر الطلبة ففي الدراسة الاستطلاعية أجريت بعض المقابلات الشفهية التي أكدوا أنهم على استعداد للخديعة إذا لزم الأمر. وهو ما أيده بقوة ميكافيلي في أشهر كتبه على الإطلاق "كتاب الأمير" الذي كان صورة مبكرة للنفعية وأن القوى المحركة للسياسة هي المصلحة المادية فمن أشهر أقواله على الإطلاق "الغاية تبرر الوسيلة" وهو معنى مذموم حتى لبعض الغربيين إلا انه يعتمد على الحيلة والمراوغة التي هي من تفاصيل أن تكون ذئبا. لنتخيل 70% من شباب الوطن يخرجون للحياة وفي قناعتهم أن الناس ليسوا على خير، وأن الحياة غابة والبقاء للأقوى.