البودي جارد - راعيها - هفهف - القطوة - المليون -.... وغيرها من الأسماء الوهمية المستعارة، المتوشحة بستار أشد من ظلمة الليل، يكتتبون ما يحلو لهم نتعرف عليهم ولا نعرفهم، صنف من البشر يجلسون أمام الجهاز الذكي يمتطون صهوة اللامبالاة والاستهتار في الكتابة، فلا نستطيع أن نعرف من أحرفهم من هم؟ امرأة أم رجل؟ شاب أم كهل؟ متعلم أم غير متعلم؟ موظف أم عاطل؟ أستاذ أم طالب؟ من هنا أم من هناك؟ وغيرها من علامات الاستفهام التي تدور حول هذه الشخصيات المزيفة التي كان لها دور كبير في بعض المشاكل والظواهر التي طغت على سطح مجتمعنا حديثاً. تُعد الشبكة العنكبوتية (النت) لغة عالمية، وهي أسرع لغات العالم انتشاراً، انتشرت بين جميع شرائح المجتمع وأصبح معظم الفئات العمرية يتقنونها، ولكنها أضعف اللغات وحبل ودادها ينقطع بسرعة لذا فإنه كان من المناسب تسميتها بالشبكة العنكبوتية، فكما نعلم أن بيت العنكبوت هو أضعف البيوت وأوهنها كما قال سبحانه وتعالى: (وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت)... وبالرغم من ضعف أساسات النت إلا أن له العديد من الضحايا والتأثير السلبي مثل ما له من التأثير الإيجابي في حياتنا، حيث لا بد من أخذ بعض الجرعات الصحية منه وتحاشي زيادة هذه الجرعة حتى لا تحدث مضاعفات، ولكن للأسف فالبعض فقد الوازع الديني والأخلاقي ممن يعانون من انحرافات سلوكية فيكتبون من خلف الأسوار دون مخافة أو رقابة أو رادع. فتارة نسمع بالأستاذ الذي ابتزه مراهق تستر بصورة فتاة، وأخرى فضحها شاب تعرف عليها من خلال الشات، وغيرها مما يحدث في بعض المنتديات من ذئاب النت من تطاول ونهش في الأعراض ونشر الشائعات أو التشهير بالناس وإذاعة الأسرار وإفساد عقول الشباب عن طريق نشر وبث الأفكار المسمومة أو التعرض لإحدى الشخصيات للنيل منها، أو إيقاع امرأة في الغرام عن طريق الماسنجر لتنتهي القصة بطلاقها وتشتت الأسرة، أو اختراق جهاز الحاسب لسلب صاحبه خصوصيته، فهؤلاء اتخذوا النت مسرحاً للرقص على آلام الآخرين والتجريح بهم وجرح مشاعرهم، واللهو والتسلية المذمومة وغيرها من الأساليب الرخيصة التي نهانا عنها ديننا الحنيف، ولا ينبغي أن تكون بين أبناء مجتمع واحد ودين واحد ويتلون كتاباً واحداً. فلا بد أن يكون لنا دور في توجيه بوصلة المنتديات كلما شعرنا بانحرافها فنحن مسؤولون عن الأوقات التي نقضيها في تصفح الإنترنت وعلينا احترام الطرف الآخر حتى وإن كنا نلبس قبعة الإخفاء، ولنتذكر حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: (إن من الناس مفاتيح للخير مغاليق للشر، وإن من الناس مفاتيح للشر مغاليق للخير، فطوبى لمن جعل الله مفاتيح الخير على يديه، وويلٌ لمن جعل الله مفاتيح الشر على يديه)، وليكن هدفنا من انضمامنا لأي منتدى هو الاستفادة والإفادة ولنحمل شعار الرقي في الردود والمواضيع والمداخلات بصورة تعكس رقي فكرنا. وعلينا كمسؤولين وآباء زرع الثقة في أبنائنا وتوعية الشباب بسلبيات التكنولوجيا وتربية الرقابة الذاتية لديهم وعدم الاعتماد على أسلوب المنع فلا إفراط ولا تفريط. جواهر الكلام من شعر الشافعي: قالوا سكتّ وقد خوصمت قلت لهم إن الجواب لباب الشر مفتاح والصمت عن جاهل أو أحمق شرفاً وفيه أيضاً لصون العرض إصلاح أما ترى الأسد تخشى وهي صامتة وال..... يخسى لعمري وهو نباح * جامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن