مع إطلاق حكم مباراة الاهلي والفتح الدولي عبدالرحمن العمري صافرته بالتعادل الايجابي 3/3 يكون الفتح قد كتب سطراً جديداً في الطريق الى انجاز آخر فريد ومن دون خسارة بعد 18 جولة في الدوري، ليختار النموذجي الطريق الاصعب نحو اللقب الذي اقترب منه بشكل اكبر بعد ان رفض الفتح الهزيمة من الاهلي في امسية جميلة استمتع بها الجمهور الحاضر، ليكرر ابناء المبرز سيناريو الموسم الماضي بالخروج بتعادل قاتل في آخر المطاف لتنتهي اجمل مباريات الموسم الحالي على الاطلاق، وينجح في التمسك بالصدارة من دون خسارة ليقترب من وضع حد لسيطرة الاندية الجماهيرية على الالقاب لسنوات طويلة. السؤال الذي يشغل بال الكثيرين الآن هل النموذجي استطاع تغيير موازين القوى الكروية في الكرة السعودية وبالتالي رسم عبر الجيل الجديد أجمل اللوحات بقيادة بيكاسو الكرة السعودية المهندس عبدالعزيز العفالق الذي اعتمد على الاستقرار الفني في جلب المدرب فتحي الجبال والمحترفين المحليين والاجانب ليكونوا على مستوى الطموحات الجماهيرية واعتمد أيضاً على الكوادر الادارية الشابة في النهوض بمستوى النادي وهو ما يفسر الطفرة المطردة والنمو المتسارع سواء على مستوى الأداء أو النتائج، وبنظرة سريعة سنجد مثلا أن الفتح الذي حمل لواء الأندية صاحبة الامكانيات المتواضعة والطموحة لتتفوق على الأندية ذات الشعبية الكبيرة الجماهيرية والتاريخ العريق، ومع بداية هذا الموسم لم يتخيل أحد يكون بداية التغيير الكروية على مستوى الاندية السعودية وموسماً تتغير فيه الملامح الرئيسية لكرة القدم السعودية، وبالعودة الى المباراة السابقة خدمت الظروف والنتيجة الفتح في الاستقرار بالمركز الاول والتواجد بكل قوة ليرفع رصيده إلى 42 نقطة، وكان من الممكن أن يخرج منتصراً بعد ان تقدم مرتين ليعود الاهلي للتعادل ومن ثم يتقدم لكن ارادة وحماس الفتح قضى على آمال نجوم "القلعة" بعد أن سيطروا على اجواء اللقاء، ووضح من بداية المباراة أن الفريقين لعبا من أجل الخروج بالنقاط الثلاث فقدما مباراة قد لا تتكرر على مستوى الدوري السعودي في السنوات القليلة المقبلة إذ شاهدنا كل فنون كرة القدم من سرعة واداء ورغبة وحضور جماهيري وجمل فنية رائعة لتحضر معها الاهداف الستة من الطرفين، واتضح على مدرب الفتح التونسي فتحي الجبال نيته لخطف النقاط الثلاث الغالية رغم لعبه خارج أرضه ليقترب من التتويج في حين الاهلي كان يريد تصحيح أوضاعه والعودة من جديد للمنافسة ضمن الاربعة الكبار، وهو ما جعل المباراة تسير بشكل جميل خاصة في الشوط الثاني، ويحسب لكل مدرب أنه زرع نزعة الفوز عند اللاعبين قبل المباراة، ولذلك لم نشاهد مباراة مغلقة بل سنحت فرصاً عديدة للتسجيل من جانب الفريقين لتخرج بعدد وافر من الأهداف، في تلك المباراة ظهر الاهلي في الشوط الاول أفضل من ناحية الانتشار والاستحواذ لكن هداف الفتح دوريس سالمو نجح في إحراز هدف ثمين في الشوط الثاني لكن الاهلي عاد عبر هدافه البرازيلي فيكتور للتعادل ليظهر الكنغولي دوريس مرة أخرى ويخطف الهدف الثاني بكرة قوية بعد ان استثمر عرضية التون أفضل استثمار لكن الكلمة كانت لمهاجم الاهلي فيكتور مرة أخرى عبر تسديدة لم يشاهدها محمد شريفي، وفي غضون الاندفاع الاهلاوي نجح البديل محسن العيسى في التقدم لفريقه مع قرب النهاية والتي ظن الكثيرون ان الفتح سيتلقى معها الهزيمة الاولى لكن نجومه لم يرفعوا الراية البيضاء بعد ليعود النجم البرازيلي الصغير بنيةً التون بقذيفة هائلة من وسط الملعب استقرت في المقص الايمن للحارس عبدالله المعيوف فتقاسم الأهلي والفتح المستوى والنتيجة. بشكل عام فإن تعادل الفتح يعود بالدرجة الأولى إلى إصرار اللاعبين داخل الملعب والروح المعنوية التي ظهروا عليها، وأيضا اللياقة البدنية والتركيز الذهني العالي الذي تمتعوا به حتى الدقائق الأخيرة من المباراة، وكان دور المدرب فتحي الجبال رائعا في تبديلاته وقراءاته الفنية ووضع التشكيل المناسب لهذا اللقاء، كذلك لا ننسى اللاعبين الاجانب والمحليين المميزين في الدوري والذين حسموا عديداً من المواجهات الصعبة لصالح النموذجي ليبرهنوا ان الفريق كان كتلة واحدة، فقد ظهر بمستوى مميز للغاية وكان واضحا أن الروح هي مصدر الالهام الاول للنموذجي نحو تحقيق الانتصارات المتتالية إذ لم يخسروا معها اي لقاء طوال الدوري وليقتربوا اكثر من اي وقت مضى نحو لقب دوري المحترفين السعودي بعد ست سنوات من الصعود الاول، ولو سألت الجماهير السعودية هل سيحقق الفتح لقب بطولة الدوري في يوم من الأيام؟ فستكون إجابتهم حتماً لا ولن تحدث إلا إذا كانت كذبة ابريل لكن كذبة ابريل اصبحت مسألة وقت لتحدث ولتتحول كل الاحلام الى حقيقة وواقع.