حاول أن تحمي نفسك بنفسك ولا داعي لأن تكون أنت ذلك الدرس القاسي الذي يتعلم منه الآخرون.. احذر من السقوط في مطب الثقة المتناهية، حاول قدر ما تستطيع أن تكون متيقظاً وحذراً وحواسك الخمس في أعلى مستوى لها، لعلها ترصد أي إشارة للغدر بك.. حاول أن تخلع ثوب طيبتك وبراءتك وصدقك وتضعها بعيداً عن يديك عندما تتعامل مع أي شخص؛ بمعني أن تكون أنت ذلك الإنسان بمبادئك الطيبة وقلبك الرقيق، لكن بعيداً عن صدق النوايا، حتى لا تشعر بالندم والألم من ضياع نفسك في تجربة خجلت فيها من طلب الضمانات، التي جعلتك تقف في قائمة المغفلين الذين لا يحميهم القانون مهما حاولوا اثبات صدق نواياهم؛ فدفعوا ثمناً غالياً يصعب تعويضه في المستقبل. حاول أن تسأل كثيراً ليطمئن قلبك وتهدأ ظنونك وتعبر إلى الضفة الثانية من النهر دون الخوف من هبوب رياح عاتية تغرقك في محيط الثقة..حاول أن تستوعب فداحة الخطأ الذي أقدمت عليه عندما تسلم نفسك للطرف الآخر على طبق من ذهب، ليلتهم كل ما فيك من طيبة وسذاجة ومشاعر ومال، ويلوّن مساحات النقاء في داخلك الى عتمة من السواد يستحيل معها أن يلمع نور القمر في منتصف ليلة الشهر؛ لأنك يجب أن تفهم جيداًّ أن الحياة تغيّرت وأن زمن الناس الطيبين قد تلاشى الى غير رجعة، فالمغفلون دفعوا ثمنا باهظا لفواتير ثقتهم!. إن ما نشاهده من استغلال طيبة البعض والحصول منهم على مبالغ مالية وعدم إرجاعها، يؤكد على أهمية توقيع عقد بين الطرفين، يوضح حقوقهما، ولا مانع من تصديقه من الجهات المعنية، لضمان عودة الحقوق إلى أصحابها، كما أنه من المهم أن نزرع بداخلنا الحرص، وكذلك التفريق بين الأمور، مع ترك المجاملات بعيداً، وإلاّ سيكون مصير من يُقدم الأموال من باب الثقة الجحود والنكران!. د.سحر رجب تجارب سلبية وقرّر الشاب "عبدالإله" عدم الوقوف بجانب أي انسان يطلب مساعدة مالية مهما كانت حاجته لها؛ بسبب تجاربه السلبية مع كل من يستدينون منه، حيث يشعر بالخجل من طلب توثيق الدّين المالي، مضيفاً أنه حين موعد الاستحقاق تبدأ سلسلة من المطاردة سواء الهاتفية أو الرسائل النصية، بل وتوسيط من يتوسم فيهم الخير لإعادة حقه الذي أضاعه بسبب جهله -على حد قوله-، مشيراً إلى أنه في الغالب لا يعود ماله أبداً، مما تسبب في تأخير أهم مشروع في حياته وهو الزواج. ونصحت السيدة "مها اليامي" -معلمة- بعدم الانصياع لرغبات الزوج في المشاركة المالية، سواء شراء سيارة أو تشييد منزل المستقبل، مهما كانت الوعود بالالتزام المالي ولو بورقة توثق هذا العقد بينهما؛ لأن المادة من وجهة نظرها تتسبب في الخلافات الزوجية التي قد تؤدي الى الطلاق، مدللةً على ذلك بالكثير من قصص للمعلمات عشن ويلات القروض التي ذهبت الى أرصدة أزوجهن أو مشروعاتهم دون توثيق، مما يجعل الأبناء يدخلون طرفاً في هذة المعادلة المعقدة. ريان مفتي إقرار وكتابة وعلّق "ريان مفتي" -محامٍ وقانوني- قائلاً: اختلف العلماء في حكم التوثيق على الديّن بثلاثة أقوال الاستحباب، الوجوب، الإباحة، مضيفاً أنه إذا أُشهد عليه فيُعد ذلك وثيقة وحُجّة؛ لأن الشهادة ترفع الشك وتزيل الاحتمال، مبيناً أنه من أهم صور التوثيق إذا أمر شخص آخر أن يكتب إقراره، فيكون هذا الأمر إقراراً وحُكماً، مبيناً أن قيود التجار ك"الصرّاف" و"البيّاع" و"السمسار" التي تكون في دفاترهم وتبين ما عليهم من ديون تُعد حجة عليهم، ولو لم تكن في شكل صك أو سند رسمي؛ لأن العادة جرت أن التاجر يكتب دينه ومطلوبه في دفتره صيانة له من النسيان، أمّا ما يكتب فيها من ديون لهم على الناس فلا يُعد وثيقة وحجة، ويحتاج إثباتها إلى وجه آخر. لا تفصح عن معلوماتك المالية على النت حجج معتمدة وذكر "مفتي" أن السندات و"الوصولات" الرسمية تُعد حُججاً معتمدة في توثيق الدين وإثباته، حيث جاء في (فتاوى قارئ الهداية): "إذا كتب على وجه الصكوك يلزمه المال، وهو أن يكتب يقول فلان الفلاني: إن في ذمتي لفلان الفلاني كذا وكذا، فهو إقرار يلزم"، مضيفاً أنه إذا أنكر من كتب أو استكتب سنداً رسمياً ممضياً بإمضائه أو مختوماً بختمه الدّين الذي يحتويه ذلك السند مع اعترافه بخطه وختمه، فلا يُعد إنكاره، ويلزمه أداء ذلك الدين دون حاجة إلى إثبات بوجه آخر، مشيراً إلى أنه إذا أنكر خط السند الذي أعطاه مرسوماً أيضاً وقال: إنه ليس خطي، فينظر، فإن كان خطه مشهوراً ومتعارفاً بين التجار وأهل البلد وثبت أنه خطه، فلا يُعد إنكاره، ويعمل بذلك السند دون حاجة لإثبات مضمونه، ذاكراً أنه إذا لم يكن خطه مشهوراً ومتعارفًا فيستكتب، ويعرض خطّه على الخبراء، فإذا أفادوا أن الخطين لشخص واحد، فيؤمر ذلك الشخص بأداء الدين المذكور، وإلاّ فلا. ضعف الإنسان وأوضح "مفتي" أنه إذا أعطى شخص لآخر سنداً رسمياً يفيد أنه مدين له بمبلغ من المال ثم توفي، فيلزم ورثته بإيفائه من التركة إذا اعترفوا بكون السند للمتوفى، ولو أنكروا الدين، أما إذا أنكروا السند، فينظر إن كان خط المتوفى وختمه مشهوراً ومتعارفاً وثبت أن الخط خطه والختم ختمه، فيجب عليهم أداء الدين من التركة، ولا عبرة لإنكارهم، وإن كان خلاف ذلك فلا يعمل بالسند لوجود شبهة التزوير فيه، مؤكداً على أن شروط توثيق العقود تكون بالكتابة أو بالشهود، مبيناً أن توثيق الدين بالإشهاد هي أن يشهد شاهدا عدل على وثيقة الدين وهذا ما جرى عليه العرف، وعليه نجد أن الحماية من ضياع الحقوق هي بالرجوع إلى الهدي بكتاب الله عز وجل وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم بالكتابة والتوثيق للدّين أو بشهادة شهود عليه، لافتاً إلى أن حكمة مشروعية التوثيق راجعة إلى ضعف الإنسان، حيث انه معرض للنسيان والخطأ. حياة صعبة وشدّدت "د.سحر رجب" -مدربة ومستشارة معتمدة من المجلس العربي- على أهمية أن يكون لدى الشخص حصانة لمعرفة المجريات والمستجدات من حوله، بل وعليه دوماً أن يحرص في التعامل دون أن يخون، مضيفةً أن الثقة الزائدة مع الأسف توقعنا في حيرة من أمرنا، وفي النهاية نتساءل: لماذا حصل لي ذلك؟، وهل أنا السبب؟، مبينةً أن الحياة أصبحت من حولنا صعبة، مشيرةً إلى أنه في حال التعامل مع أي شخص مالياً أو عملياً في أي مكان، لابد من وجود عقد يوضح ما له وما عليه، فالحياة تقول لنا دائماً: أنا لا أحمي المغفلين". وأضافت: بات كل شيء فيما حولنا يدعو للخوف، وهو ما يُحتم غرس الحرص في أبنائنا، ليكونوا أقوياء، متفهمين لما يدور حولهم، وحتى لا يلازمنا الندم بعد ذلك من كثرة ما نقع به من أخطاء. حسن ظن وأوضحت "د.سحر رجب" أنه ليس عيباً أن نتعلم من أخطائنا، بل العيب أن نستمر ونقع في نفس الخطأ مرةً أخرى، حتى لو كان بوجه آخر، حتى يُصيبنا الاكتئاب والقلق من جراء التساهلات التي نقدمها للآخرين، مضيفةً أن الحياة تتغير، وعلينا أن نواكب التغيير دوماً، لنتأهب لأي حدث لم نكن نحسب حسابه، مؤكدةً على أن التعلم متاح للجميع واكتساب الخبرات يأتي من الاحتكاك والمعاشرة بمن حولنا، ذاكرةً أن دخول الدورات المؤهلة يكسبنا أهمية واضحة في سعة الأفق وتوسيع المدارك الطيبة الرائعة، إضافةً إلى حسن الظن كما جاء في الحديث القدسي: "أنا عند حسن ظن عبدي بي"، وهذا يدعونا أن نحرص على حسن الظن دون التفريط في حقوقنا، وحتى يتم التواؤم مع كل المجريات التي تسير بنا، مشددةً على أهمية أن يكون الشخص حاذقاً ويتحمل مسؤولية ما أقدم عليه.