حسب التقرير السنوي لشركة الكهرباء السعودية لعام 2011م بلغ المعدل الحراري لتوليد الكهرباء 10,907 وحدة حرارة بريطانية لكل كيلواط ساعة بمعنى أن كفاءة تحويل الوقود لطاقة كهربائية بلغت 31%. هذه الكفاءة تعد منخفضة جدا اذا علمنا ان المحطات التقليدية (المستهلكة للوقود) تصل كفاءتها الى 60%! تدل هذه الأرقام على أن نصف الوقود المستخدم يضيع بسبب انخفاض الكفاءة. حسب تصريح محافظ هيئة الكهرباء والإنتاج المزدوج عام 2010م أن إنتاج الكهرباء في المملكة يستهلك نحو 320 مليون برميل سنويا من النفط، هذا يقودنا لاستنتاج ان 160 مليون برميل سنوياً تهدر بسبب انخفاض الكفاءة تقدير تكلفة هذا الهدر لن يقل عن 30 مليار ريال سنوياً حسب أسعار النفط في السنوات الأخيرة واذا أخذنا بالاعتبار ان جزءًا من انتاج الكهرباء يعتمد على الغاز الطبيعي. تسليط الضوء على الاستهلاك العالي للوقود من الجهات العالمية والمحلية صاحبه دعوة كبيرة وضغوط للاستثمار في الطاقة النووية والبديلة (شمسية ورياح الخ) في المقابل لم توجد مثل هذه الضغوط على تحسين الكفاءة! فكرة تنويع محفظة الانتاج مطلب ملح بشرط ان يكون تحت خطة متكاملة يكون فيها تحسين الكفاءة أولوية. تحسين كفاءة محطات الطاقة التقليدية يكون باستبدال القديمة ذات الكفاءة المنخفضة بأخرى ذات كفاءة عالية، اذا قارنا تكلفة الاستبدال بتكلفة محطات الطاقة النووية نجد ان تكلفة انشاء المحطات النووية تبلغ خمسة أضعاف تكلفة انشاء التقليدية لنفس القدرة الإنتاجية وذلك حسب تقرير ادارة معلومات الطاقة الأمريكية عام 2010م، ناهيك عن المخاطر البيئية للمحطات النووية! بينما تبلغ التكلفة الإنشائية لمحطات الطاقة الشمسية أربعة أضعاف التقليدية حسب التقرير نفسه. ما الذي يمنع الشركة السعودية للكهرباء من تحسين كفاءة توليد الطاقة؟ لا اتهم الشركة هنا ولا أدافع عنها لكن الاجابة عن هذا السؤال تكمن في المناخ الاستثماري الذي تعمل فيه الشركة. فشركة الكهرباء واقعة في منطقة الاقتصاد الميت (Dead weight loss) حيث انها ملزمة بتعرفة ثابتة تقريباً مقابل دعم الوقود مما يجعل فرص التطوير والتحسين ضعيفة جداً خصوصاً أن قطاع توليد الطاقة من القطاعات كثيفة الاستثمار الرأسمالي، مما جعل الكهرباء لا تسعى لتحسين الكفاءة أكثر من أن تجابه نمو الاستهلاك الكهربائي بأقل تكلفة ممكنة. لا أحد ينكر الجهود التي تقوم بها جهات كثيرة في الدولة فيما يخص انتاج الطاقة واستهلاكات الوقود، مأخذي الوحيد هنا ان هذه الجهود متفرقة وليست تحت مظلة واحدة أو خطة استراتيجية موحدة، الحلول والاقتراحات لمثل هذه المشكلة متعددة، سواءً كانت في تنويع الانتاج الكهربائي أو في ادارة الاحمال والتوزيع الاقتصادي للطاقة أو في ترشيد وكفاءة الاستهلاك، احد الدوافع الرئيسية التي تدعم ايجاد الحلول هو خلق مناخ استثماري صحي يساهم في تطوير قطاع الطاقة بعمومها التقليدية والبديلة وبشقيها الانتاجي والاستهلاكي.