"لا عذر لكم بعد اليوم في تقصير أو تهاون أو إهمال، واعلموا بأنكم مسؤولون أمام الله -جل جلاله- ثم أمامنا عن أي تقصير يضر بإستراتيجية الدولة التي أشرنا إليها، وعلى كل وزير ومسؤول أن يظهر من خلال الإعلام ليشرح ما يخص قطاعه بشكل مفصل ودقيق". بهذه الكلمات خاطب خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله جميع الوزراء والمسؤولين في الدولة وحثهم على شرح مخصصات شتى القطاعات تفصيلاً دقيقاً، إيماناً منه حفظه الله بأهمية الشفافية في المعاملة والصراحة في الطرح، وحفظاً لحقوق أبناء الوطن وذلك من خلال إعلان ميزانية الخير والنماء للوطن والمواطن عبر مشاريع مستقبلية تسهم في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية في كافة القطاعات، والتي ستوفر بإذن الله مزيداً من فرص العمل للمواطنين، وتؤكد على التنمية المتوازنة بين القطاعات والمناطق. إن ما تضمنته الميزانية الجديدة من مؤشرات إيجابية تدل على استمرار التحسن في أداء اقتصاد المملكة، رغم استمرار تداعيات الأزمة المالية والاقتصادية العالمية، ومحافظة المملكة على متانة وقوة اقتصادها وقدرته على امتصاص الأزمات وتخطيها. لقد حرص خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله على حق المواطن في العيش الكريم، وكذلك على حق الأجيال القادمة من الميزانيات المتعاقبة للمملكة وضرورة العمل على توفير الرفاهية لأجيالنا القادمة، وأعود بالذكر هنا إلى دراسة أعدها منتدى الرياض الاقتصادي الذي يتشرف برعاية كريمة من خادم الحرمين الشريفين –حفظه الله – في دورته الثالثة بعنوان ( تطوير إدارة الفوائض المالية وأساليب توظيفها ) تحدثت عن أهمية وضع منهجية متكاملة لتحسين إدارة هذه الفوائض وتنميتها وهذا ما حرص عليه خادم الحرمين الشريفين. إن هذه الميزانية تؤكد السياسة المالية التوسعية للمملكة، التي تستهدف الاستمرار في حفز النمو الاقتصادي وتسريع وتيرته، باعتبار ذلك هو الوسيلة الأفضل لاستدامة التنمية والحفاظ على استمرار الرفاه والازدهار، وهذا يسهم بصورة إيجابية في تحقيق توجهات الخطة التنموية بشأن ترسيخ التنمية الشاملة وتطوير هيكلة الاقتصاد الوطني وتحسين قدراته التنافسية، والاستمرار في تعزيز البيئة الاستثمارية الجاذبة في كل المجالات. إن التحدي الكبير الذي يواجه هذه الخطط التنموية يتمثل في توجيه خادم الحرمين الشريفين – حفظه الله – في الحرص على حسن وكفاءة تنفيذ ما احتوته الميزانية من مشاريع وبرامج. والعمل على رفع كفاءة الأداء والإنتاجية على مختلف المستويات في مجتمعنا من مؤسسات حكومية وخاصة وأفراد عاملين في القطاعين الحكومي والأهلي، وصولاً إلى طموحات الوطن والمواطن. كما أن تركيز الميزانية على الاستمرار في منح الأولوية للتنمية البشرية باعتبارها أساس التنمية الشاملة، يعتبر تعزيزاً للحراك الاستثماري، وبالتالي يعطي الاقتصاد الوطني مزيداً من القوة والمتانة، وكذلك فإن الأرقام التاريخية وغير المسبوقة للميزانية تدل على صحة المنهج وسلامة النهج، وإن مسيرة الخير والنماء والعطاء التي يقودها خادم الحرمين الشريفين وولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز تسير نحو أهدافها المرسومة، متمسكة بالقيم والثوابت، ومتسلحة بالإيمان والوحدة، وكل وسائل النهوض والتقدم وشفافية الطرح وحفظ حقوق أجيال اليوم وأجيال الغد. والمتابع لمسيرة التنمية الاقتصادية والاجتماعية في المملكة يلحظ بشكل كبير المشاريع التنموية الضخمة التي يتم تنفيذها؛ وذلك من خلال الميزانيات الكبيرة التي رصدت للنقل والتعليم والصحة، وكنت أتمنى أن أرى تكاملا للمشاريع التنموية على مستوى المملكة والتي تشمل قطاعات المياه والكهرباء والغاز والنقل والطرق وسكك الحديد لتغطي كافة مناطق المملكة ومحافظاتها بشبكات مترابطة تمدد حسب الإستراتيجية العمرانية للمملكة التي سبق وان تم إقرارها. وكنت متمنياً أن تظهر مخصصات وعد الشمال في هذه الموازنة من ضمن مشاريع الهيئة الملكية للجبيل وينبع ورأس الخير للصناعات التعدينية وذلك للارتباط القوي بين مدينة وعد الشمال ومدينة رأس الخير بالقرب من الجبيل فالفوسفات من أهم منتجات وعد الشمال ستنقل إلى رأس الخير لتصنيعه وإعادة تكوينه ثم تصديره. فالهيئة الملكية للجبيل وينبع ورأس الخير لها تجربة طويلة مع المشاريع العملاقة، وكذلك لديها تجربة قوية وناجحة مع كبريات الشركات الدولية والوطنية مثل سابك و أرامكو. والهيئة قد كسبت وبقوة على مدى الأربعين عاماً الماضية ثقة المستثمرين. أرجو إعادة النظر في هذا الوعد القوي من خادم الحرمين الشريفين الذي أطلقه مجلس الوزراء في جلسته يوم 28/3/1433 ه برئاسة خادم الحرمين الشريفين. وقال معالي المهندس علي النعيمي في تصاريح صحفية بعد الاجتماع إن إنشاء مدينة وعد الشمال للصناعات التعدينية هو وفاء لوعد خادم الحرمين الشريفين لأهالي منطقة الحدود الشمالية بأن تأخذ المنطقة نصيبها من الرخاء والتنمية، حيث تتوفر فيها كافة مقومات الصناعة والتنمية المستدامة لتوفير الفرص الوظيفية للشباب وتطوير المناطق النائية، ولتكون هذه المدينة والمشاريع عند اكتمالها إنجازاً آخر للوطن مماثلاً للإنجاز الذي تم - بفضل الله- في مدينة رأس الخير للصناعات التعدينية وقبلها في مدن الجبيل وينبع. وفي مشروع شركة معادن للصناعات الفوسفاتية، لإقامة البنية التحتية والسكنية والخدمات وكذلك الربط الكهربائي وسكة الحديد لمدينة وعد الشمال إضافة إلى ثلاثة أرصفة بحرية في ميناء رأس الخير، موضحاً أن هذا المشروع سيضيف حوالي 15 مليار ريال سنوياً إلى الناتج المحلي. وبين معالي المهندس علي النعيمي أن مشروع شركة معادن للصناعات الفوسفاتية سيكون محوراً أساسياً لإنشاء مدينة وعد الشمال للصناعات التعدينية موضحاً أن وجود خام الفوسفات جنباً إلى جنب مع حقول الغاز المتوفرة في منطقة حزم الجلاميد ومناطق أخرى مجاورة تجرى فيها عمليات تنقيب حثيثة، مما يعزز قيام مدينة وعد الشمال للصناعات التعدينية والمشاريع المصاحبة. وقد صرح صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن تركي بن عبد العزيز المستشار في وزارة البترول مشيراً سموه إلى أن مدينة " وعد الشمال للصناعات التعدينية " ستكون رافداً أساسياً من روافد التنمية الاقتصادية في شمال المملكة. وأكد سموه أن إنشاء هذه المدينة يأتي تجسيداً لحرص حكومة خادم الحرمين الشريفين على تنويع مصادر الدخل الوطني وتحسين مستوى معيشة المواطنين، واهتمامها بتنمية جميع مناطق المملكة الغالية، معتبراً سموه أن مدينة وعد الشمال ستكون بإذن الله خطوة جديدة في طريق التنمية المتوازنة للمملكة. إن قيام الهيئة الملكية للجبيل وينبع ورأس الخير أو شركة أرامكو بتنفيذ وعد خادم الحرمين الشريفين لأهل المناطق الشمالية أمر يتطلبه أهمية هذا المشروع وأهمية السرعة والدقة في تنفيذه. إنها فرصة تاريخية يجب أن لا تحرم مناطق الشمال منها أو تركها عرضة لتجربة الخطأ والصواب. *رئيس مجلس أمناء منتدى الرياض الاقتصادي