أرقام الميزانية تضع مسؤوليات كبيرة على التنفيذيين، فإذا تمكن التنفيذيون من تنفيذ المشاريع والبرامج المعتمدة فإن هذا سيؤدي إلى إيجاد فرص وظيفية جديدة للمواطن، كما سيؤدي إلى الارتقاء بمستوى الخدمات وحل مشكلات كثيرة من أبرزها مشكلة الإسكان والبطالة. إن توفر الموارد المالية يعني أننا أمام تحديات إدارية. والنجاح الإداري يتطلب توفر عوامل كثيرة أحدها المال فإذا توفر هذا العنصر، تصبح القضية قضية إدارية وهنا تكمن أسرار النجاح والفشل، كما يمكن تفسير تأخر بعض المشاريع أو تنفيذها بمستويات بعيدة عن معايير الجودة. التحديات الإدارية تتطلب التجديد والتطوير في العملية الإدارية بكافة عناصرها وعلى رأسها العنصر البشري مع ملاحظة أن الميزانية خصصت لهذا العنصر ميزانية ضخمة تتفق مع أهميته. إن كون الإدارة هي المحك، يحتم علينا أن نبدأ بتطويرها، وهذا التطوير يتطلب تحديد الأولويات وليس هناك أولوية أهم من العنصر البشري. إن مناسبة صدور الميزانية فرصة لمراجعة وتقييم الأداء الإداري في الأجهزة التنفيذية ومتطلبات تطويرها حتى ترتقي إلى مستوى الطموحات. وفي هذا المجال نسجل الملاحظات التالية: 1- أولى الخطوات في هذا الطريق أن نراجع ثقافتنا الإدارية وهي الأساس الذي تنبثق منه أساليب وإجراءات العمل وتشكل الأرضية التي تنبت فيها القرارات. وفي هذه الثقافة نلاحظ غلبة العنصر الإعلامي الذي يسبق الإنجاز والاحتفاء المبالغ فيه بالتدشين ليأتي بعد ذلك المنتج النهائي مخالفا للتوقعات في ميزان معايير الجودة. 2- الجانب الآخر الذي يحتاج إلى تطوير هو مبدأ المتابعة. إن أجهزة مثل وزارة البلديات والداخلية، والنقل، والتجارة، والعمل، بحاجة إلى إحداث وظائف ميدانية واستقطاب الكفاءات للعمل فيها لتفعيل المتابعة الميدانية وتقييم ما يجري في الميدان بآليات متقنة وبصورة مستمرة لا تنتظر التوجيه. 3- ويرتبط بما سبق أهمية التقارير وأن تختصر مدتها، فإن كانت سنوية فلتكن نصف سنوية، وإن كانت نصف سنوية فلتكن شهرية، وفي بعض الحالات قد يتطلب الأمر أن تكون أسبوعية أو يومية، ولابد أن تكتب التقارير بطريقة عملية ومباشرة بعيدا عن الأسلوب الإنشائي. 4- تكليف الأفراد بأعباء تفوق طاقتهم والوقت المتاح لهم وهذا أسلوب له سلبياته أكثر من إيجابياته لأنه يؤثر على أداء المهام الأساسية، ويحرم الآخرين من فرص المشاركة والتطور والرقي في سلم المسؤولية. 5- بعض الأجهزة تطورت ( تقنياً )، لكنها تعاني من ضعف في الأداء في السلوك الإداري، وفي مقابل ذلك لا تزال أجهزة أخرى متأخرة في مجال التقنية والحكومة الإلكترونية. 6- بالمتابعة الميدانية يمكن القول أن مستوى الجودة، والصيانة لا يتناسب مع الميزانيات المعتمدة التي تتيح لنا أن نوفر أفضل المواد والأجهزة بمواصفات جودة عالية. 7- لعلنا مع صدور ميزانية هذا العام وكل عام نراجع الملاحظات على الأداء الإداري ونسلط الضوء على بعض الجوانب التي تحتاج إلى مراجعة وتطوير مثل التخطيط والمتابعة، وتقييم الأداء، والمحاسبة، والمركزية، وتحديث اللوائح والأنظمة المتعلقة بترسية المشاريع وإيجاد حلول لمشكلة مقاولات الباطن التي تعد أحد أسباب تعثر المشاريع والأهم من كل ما سبق العنصر البشري وهل من فرص وظيفية جديدة سوف توفرها المشاريع الجديدة. 8- الإدارة الفعالة سوف تترجم أرقام الميزانية إلى مشاريع تنموية مطلوبة مثل النقل العام، والنقل المدرسي، وتطوير المدارس، والمستشفيات من حيث المبنى والمعنى وتطوير الخدمات الإنسانية، ودعم البحوث التطبيقية التي تقدم الحلول المبتكرة لقضايا المجتمع. 9- من المهم دراسة ومراجعة بعض الحالات الإدارية الجديدة سواء المتعلقة بالتنظيم ( مثل أحداث أجهزة جديدة ) أوالمتعلقة بالتنفيذ مثل لجوء بعض الأجهزة إلى إسناد المهام إلى شركات أو مكاتب استشارية والاكتفاء بالعمل المكتبي وإدارة الورق الروتيني، وهذا إجراء عليه مآخذ نظامية وله سلبيات كثيرة. 10- استقطاب الكفاءات الإدارية والقيادية يجب أن يخضع لمعايير مهنية، وما يمتلكه المرشح من خطط وفكر وأن نبتعد عن الشكليات والألقاب.