يوجد أكثر من 550 نوعا من النفط في العالم عند درجات متفاوتة من الجودة والأسعار ولكن عددا قليلا منها يعتبر معياريا أو مرجعيا، بينما اسعار الانواع المتبقية يتم تسعيرها كفروقات لتلك المعايير الرئيسية القليلة. فمن أهم تلك المرجعيات (غرب تكساس-WTI ) الخفيف و(برنت-Brent ) الحلو و(أرجوس-Argus) الحامض والثقيل الاكثر كثافة وأعلى في الكبريت، مما يجعل المنتجات المكررة أعلى تكلفة. فإن عدم استقرار أسعار خام غرب تكساس واتساع الفجوة بينه وبين الأسعار الدولية جعله لا يعكس نمو الطلب العالمي على النفط، حيث ان النفط الامريكي يتم استهلاكه محليا. فنتيجة لذلك توقفت شركة ارامكو عن تسعير نفطها على اساس غرب تكساس واعتمدت اسعار سلة أرجس (ASCI index ) في تسعير نفطها المستورد الى خليج المكسيك في 2010. كما أوضحت ادارة معلومات الطاقة الامريكية انها ستستخدم سعر برنت بدلا من غرب تكساس في تقريرها لتوقعات أسعار النفط في 2013، بعد اصابة كوشينغ (أوكلاهوما) بتخمة النفط مع وفرة المعروض في السنتين الاخيرتين من انتاج الرمال النفطية الكندية وحقول الزيت الأمريكي، فلم تعد مخزوناتها ولا انابيبها البالغ طاقتها 670 ألف برميل، قادرة على استيعاب الامدادات الهائلة وتيسير تدفقاتها، مما أدى الى انخفاض سعر خامها. فأصبح المنتجون في أوكلاهوما وغيرها من الدول غير سعداء حول الأسعار المنخفضة وتقليل الفجوة السعرية بين برنت وغرب تكساس. لأن هذه الفجوة في الأسعار جعلت من الصعب استمرار أسعار غرب تكساس كمعيار قياسي فلم يعد يعكس بشكل أفضل أسعار المصافي التي تدفعها مقابل شراء النفط المستورد مع الاخذ في الاعتبار التباين في أسعار برنت الذي يسعر على اساسه ثلثا نفط العالم المتداول في شكله المادي. فمعظم عمليات المصافي التشغيلية في خليج المكسيك أصبحت تتكيف جيدا مع تكرير جميع درجات النفط المحلي والثقيل الذي يستورد من الخارج وخاصة من الخليج العربي، نتيجة لذلك اصبحت المصافي قادرة على خصم اسعار النفط الثقيل بتباين مع سعر غرب تكساس الخفيف وبرنت ذات الاسعار المرتفعة. لذا تحول الكثير من المتداولين في السوق الامريكي الى التركيز على عقود النفط الخفيف للويزيانا (LLS) الاقرب بكثير الى سعر برنت، مما مكنهم من بيع البنزين بأسعار مرتفعة في سوقهم المحلي. ففي محاولة لتحديد متى بدأت الفجوة بين اسعار غرب تكساس وبرنت (الرياض، 19-مارس-2012) تم تطبيق معامل الترابط بينهما من مايو 1987 الى فبراير 2012 على اساس شهري، فكانت العلاقة قوية جدا وقريبة من (0.98)، رغم الفروقات بينهما حاليا لأنهما يسيران في نفس الاتجاه. فكانت الفجوة بين اسعار تكساس وبرنت ضيقة خلال الفترة من مايو 1987 الى مارس 2008 بمتوسط 1.43 دولار لصالح غرب تكساس، بينما بقيت الاسعار عند متوسط 3.6 دولارات من ابريل 2008 وحتى ديسمبر 2008، واستمرت الاسعار متذبذبة من يناير 2009 حتى ديسمبر 2010 ولكن في المتوسط يكاد التباين صفرا. وشهدت الاسعار تحولا كبيرا في يناير 2011، حيث قفز سعر متوسط برنت 16 دولارا ليوسع الفجوة بينهما بنسبة 17%. أما في الاشهر الاخيرة فتجاوز التباين بينهما 19 دولارا للبرميل. فلا شك ان وصول مخزونات كوشينغ الى عنق الزجاجة بشكل مستمر من أهم العوامل التي خلقت تلك الفجوة ولكن هناك عوامل اخرى منها انخفاض الدولار مقابل اليورو والاضطرابات في الشرق الاوسط من احداث ليبيا وتعطل انتاجها في 2011 والحظر الحالي على نفط ايران الذي يؤثر بشكل مباشر على الاسواق الاوروبية ويدفع بأسعار برنت الى الاعلى. فإن فقدان غرب تكساس لمرجعيته وحساب المنتجين الامريكان اسعارهم على تباين مع الاسعار العالمية مثل سعر برنت، سيخدم مصلحتهم ويعزز اكتشافاتهم لزيادة احتياطياتهم من النفط والغاز من أعماق البحار ومن الزيت الحجري حتى ولو لفترة لأن الاسعار اصبحت أعلى. (يجب تعظيم ايراداتنا من النفط قبل فوات الأوان).