منذ أكثر من عام ونحن نلاحظ اتساع الفجوة بين اسعار غرب تكساس (WTI ) الفوري والمرجعي للنفط الأمريكي ونفط بحر الشمال برنت (Brent) المرجعي للنفط الاوربي والإفريقي، حيث وصل سعر غرب تكساس الجمعة الماضية الى 107 دولارات وبرنت الى 126.4 دولارا أي بفارق قدره 19.4 دولارا. إذا لماذا هذا الفرق بينهما؟ هل يعود الى ان بعض النفط مرغوب فيه اكثر من غيره او لأسباب أخرى مع وجود اكثر من 61 نوعا من النفط والتي يتم تداولها عالميا وتختلف في الجودة والقيمة السوقية. لكنّ نفطيْ غرب تكساس الوسيط وبرنت هما اهم مرجعين يتم تداولهما بشكل واسع ويتم مقارنتهما مع سلة اسعار الاوبك وأسعار نايمكس المستقبلية والأسعار الاخرى مع مراعاة الفروق في نوعيات النفط وبعض العوامل المؤثرة على تغيرات الاسعار. ويتميز نفط غرب تكساس بجودته العالية الذي يشتق منه اكبر كمية من البنزين مقارنة بأي نفط آخر وهذا يتناسب مع بلد مثل الولاياتالامريكية التي تستهلك المواصلات كمية كبيرة من البنزين خاصة في فصل الصيف وهو ذو كثافة خفيفة (API) gravity وأقل لزوجة viscosity ويسمى بالنفط الحلو على أساس تقييم معهد البترول الأمريكي وتبلغ درجة كثافته (39.6 )، فكلما ارتفع الرقم كلما كانت الجوده أفضل ويحتوي على فقط 0.24% من الكبريت. وفي العادة يسعر بعلاوة 5-6 دولارات الى سعر سلة الاوبك و 1-2 دولار الى سعر برنت ولكن هذه العلاوة تغيرت اخيرا كما نرى فيما بعد. أما نفط برنت فعبارة عن مزيج من 15 حقلا نفطيا مختلفة موجودة في برنت وأنظمة ننيان في بحر الشمال وبكثافة اعلى من غرب تكساس عند درجة (38.3)، ولكنه مازال نفطا خفيفا وحلوا وترتفع فيه نسبه الكبريت الى 0.37% وهو مثالي لإنتاج البنزين ووقود التدفئة ويسعر بعلاوة تقريبا 4 دولارات الى سعر سلة الاوبك. بينما يتم تداول نفط غرب تكساس في العقود الآجلة في بورصة نيويورك NYMEX Futures، ويتم تحديد قيمة هذه العقود على اساس شراء او بيع 1000 برميل من نفط غرب تكساس او عند بعض اسعار النفط الخفيف في وقت محدد. كما ان نايمكس يقدم معلومات عن الاسعار للبائعين والمشترين للنفط في الولاياتالمتحدة والعالم وتنتهي مدة كل عقد في أي شهر بثلاثة ايام قبل توقف المتاجرة بنفط غرب تكساس الفوري من نفس الشهر ويتم حساب سعر نايمكس الشهري على اساس متوسط الاغلاق اليومي للأسعار. وفي محاولة للتأكد ان اسعار غرب تكساس وبرنت تسير في نفس الاتجاه تم عمل معامل الترابط بينهما من مايو 1987 الى فبراير 2012 على اساس شهري والذي أكد ان العلاقة قوية جدا وقريبة من (0.98) رغم تلك الفجوة الحالية بينهما. كما كانت الفجوة بين اسعار تكساس وبرنت ضيقة خلال الفترة من مايو 1987 الى مارس 2008 بمتوسط 1.43 دولار لصالح غرب تكساس، بينما بقيت الاسعار عند متوسط 3.6 دولارات من ابريل 2008 وحتى ديسمبر 2008، وكانت الاسعار متذبذبة من يناير 2009 حتى ديسمبر 2010 ولكن في المتوسط يكاد التباين صفرا. وشهدت الاسعار تحولا كبيرا في يناير 2011، حيث قفز برنت بمتوسط 16 دولارا ليوسع الفجوة بينه وبين اسعار غرب تكساس حتى هذه اللحظة وبنسبة 17%. ان العوامل التي خلقت تلك الفجوة عديدة ولكن من اهمها انخفاض الدولار مقابل اليورو وارتفاع المخزون التجاري الامريكي بشكل مستمر والمواجهات والاضطرابات في الشرق الاوسط ومن اهمها احداث ليبيا وتعطل انتاجها في 2011 والحظر على نفط ايران الذي يؤثر بشكل مباشر على الاسواق الاوربية وتدفع بأسعار برنت الى الاعلى مع تناقص المعروض. *عضو جمعية اقتصاديات الطاقة الدولية * عضو الجمعية المالية الأمريكية