كم هو جميل وكم هو متعب أن تكون متحدثاً رسمياً لأي جهة حكومية أو أهلية. هذه رؤية جاءت من تجربة أكثر من ثلاث سنوات قضيتها متحدثاً رسمياً باسم وزارة الثقافة والإعلام قبل أن أَشُرف بتعييني رئيساً لهيئة الإذاعة والتلفزيون. المتحدث الرسمي بدأت الحاجة إليه تزداد في ظل الأحداث المتسارعة والنقل السريع للمعلومة عن كل ما يحدث، وبعد أن عانى كثير من القطاعات من الحديث عنها بمعلومات تفتقد المصداقية. وقد أدرك خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز أبعاد هذه الحاجة وجاء التأكيد منه حفظه الله على أن تبادر كل جهة بتعيين متحدث رسمي لها. الجميل في عمل المتحدث أنه يفتح لك آفاقاً في التعرف والتواصل مع وسائل الإعلام التقليدية والحديثة. هذه الآفاق تجعل الآخرين يتذكرونك دائماً، ويفزعون إليك حين يحتاجون إلى أي معلومة. الجميل أيضاً في المتحدث الرسمي أنه عَلَمٌ بارز في قطاعه؛ يُذكر اسمه وتظهر صورته على الدوام مما يجعله حاضرا في الذهن لدى شريحة كبيرة حتى خارج إطار الأوساط الإعلامية. هناك ضريبة يدفعها هذا المتحدث، وعليه أن يتحملها وهي أنه غالباً لا يهدأ له بال ولا يغمض له جفن، وأن عليه أن يجيب عن كل اتصال يستفسر عن خبر أو يبحث عن معلومة. كثير ممن يتصلون بالمتحدث الرسمي لا يراعون أن هناك وقتا للراحة وآخر للأسرة وثالثا لقضاء الحاجات، إلى غير ذلك فتجدهم لا يتحرجون عن الاتصال أنصاف الليالي وفي أيام الإجازات، وقد نجد لهم العذر لأن طبيعة عملهم الإعلامي تتطلب العمل طوال الأسبوع وفي كل الأوقات. في ورشة عمل نظمتها وزارة الإعلام مؤخرا عن المتحدث الرسمي شاركت باعتباري متحدثاً سابقاً، ومن خلال هذه المشاركة همست في أُذني زملائي المتحدثين المشاركين بأمور منها: لا تقل (لا) ثم تقول بعدها (نعم) عن الموضوع نفسه إلا بعد أن تعتذر عن خطئك كي لا تفقد المصداقية. لا تقل (لا أعلم) ولكن وضح للسائل أن المعلومة ليست متوفرة لديك الآن وأنك ستبحث عنها. لا تنكر الحقيقة لأن السائل أو غيره سيعرفها لاحقا ثم يواجهك بها فتكون في وضع لا تحسد عليه. قدّم كل ما لديك من أدلة وبراهين محسوسة على صدق ما تقول لأن ذلك سيقطع دابر كل معلومة مخالفة. كن على تواصل دائم مع كل باحث عن المعلومة لأن غيابك أو عدم تجاوبك سيفقدك ثقة الآخرين ويجعلك عرضة للنقد الدائم. كان الله في عون كل متحدث رسمي، وتمنياتي لهم جميعاً بالتوفيق الدائم في زمن أصبح البحث فيه عن المعلومة الموثقة والسريعة مطلبا للجميع.