عندما صدر قرار مجلس الوزراء العام الماضي بإلزام الجهات الحكومية من وزارات وهيئات وغيرها بتعيين متحدثين رسميين للرد على استفسارات وسائل الاعلام في خلال ثلاثة ايام من تاريخ ارسال استفسار الوسيلة الاعلامية تطلع الجميع الى مرحلة جديدة من التعاون بين الطرفين تعزز حق المواطن في الحصول على المعلومة من مصادر موثوقة بما يحد من التكهنات. وعلى الرغم من التعاون الذي أبداه بعض المتحدثين إلا أن نسبة كبيرة منهم ما زالت ترى أن دورها هو التعتيم على نشر أي معلومات غير مرغوبة عن الجهات التي يعملون بها وأن على الصحفي الاكتفاء بما يمررونه لهم من تصريحات وتقارير اغلبها وردي ومفعم بالانجازات فقط. «المدينة» تطرح الموضوع للنقاش مع جميع الأطراف بمناسبة انعقاد ورشة عمل المتحدثين الرسميين اليوم الاحد برعاية وزير الثقافة والاعلام د. عبد العزيز خوجة بالرياض. في البداية يقر الصحفيان عوض القحطاني وعبدالرحمن المرشد بوجود فجوة كبيرة بين المتحدثين الرسميين والإعلاميين مشيرين إلى أن أغلب المتحدثين لا يملكون كل الصلاحيات للإجابة على بعض الأسئلة وان تعاون المتحدث الرسمي من عدمه مع الاعلاميين يكشف بالدرجة الأولى عن مهنيته، فعندما يتعاون بشكل كامل فهو مهني بالدرجة الاولى لمعرفته بمعاناة الصحفي الذي يجري خلف الحقيقة لإظهارها للقراء. وليست المسأله تطفلا أو لقافه كما يزعم البعض. وقالا: الكثير من المتحدثين الرسميين يحاولون بناء علاقة صداقة مع الصحفي لينشر الاخبار التي تريدها الجهة وليس ما يرغب القارئ في معرفته، مما يخل بمصداقية الجريدة مع مرور الوقت ولذلك ينبغي ان تتنبه الصحف وتعمل على تغيير مندوبيها في الجهات التي يعملون بها على فترات متقاربة. واضافا ان تعاون المتحدثين الرسميين بشكل عام دون المستوى المطلوب، واذا كانت هناك دورات تعطى للصحفي، فمن المفترض ان تعطى للمتحدثين الرسميين دورة في فن التعامل مع الاعلام وبالأخص بعض المتحدثين العسكريين الذين يجهلون هذه الامور تمامًا متحدثون صامتون. ويقول عبدالله العمري مسؤول إعلامي في إحدى القنوات الخاصة: عندما يكون لدينا مؤتمر او قضية تستوجب ارسال مصور ومذيع يجب ان نجد من ننسق معه للسماح لنا بالتصوير ومنا هنا تبدأ معاناتنا الحقيقة بعدم الرد على اتصالاتنا مهما حاولنا معهم ولعل آخرها حادثة انفجار ناقلة النفط العام الماضي في مدينة الرياض حيث تكررت اتصالاتنا على المتحدث الرسمي للدفاع المدني بمدينة الرياض لأخذ معلومات منه وفي المرة الاولى رد على الاتصال واخبرنا انه سيعاود الاتصال علينا وما زلنا ننتظر منه الاتصال حتى الان!! من جانبه قال نائب مدير ادارة التغطيات في اذاعة جدة عبدالخالق الدثيني: عندما تأتي لنا دعوة لتغطية مناسبة لجهة حكومية نقوم بتجنيد مراسلينا لتغطية الحدث ونبدأ بالخطاب الموجه من الجهة الداعية حيث يفترض أن يكون فيه اسم لشخص مسؤول ورقم للتواصل ولكن للأسف نجد اسم الشخص ولا نجد له رقم تواصل او نجد اسمه ورقمه ولكنه لا يرد على اتصالاتنا او نجد رقم منسق واسمه ونتفاجأ أنه لا يعرف أي شيء وحينها نلجأ الى مراسلنا ونطلب منه البحث عن الشخص المناسب لعمل اللقاء معه سواء مباشرة في قلب الحدث او عبر الهاتف. ورأى أن من أبرز الجهات المتعاونة المتحدث الأمني لوزارة الداخلية والمتحدث الرسمي لمدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية والأمانة العامة لمجلس التعاون ومكتب التربية العربي انتقائية في التعامل. ويقول الصحفيان سعود الشيباني ومنصور الشهري: غالبية المتحدثين يتجاوبون ولكنهم مثل الاسهم يوم احمر وآخر اخضر وربما في دقائق تدور الساعة ويتحول الصديق لعدو حيث اغلبهم بعد نهاية الدوام لا يرد على جواله او تجده يتعاون مع صحفي ويحجم عن الآخر. وقالا إن المسؤولية تقع على وزارة الثقافة والاعلام بدليل ان من يجتهد في نشر خبر لم يكن صحيحًا تقوم المنشأة برفع شكوى ضده لوزارة الثقافة والاعلام. والواجب ان تنشأ وزارة الثقافة والاعلام ادارة تتابع اعمال المتحدثين وتعطيهم دورات وورش عمل مع الاعلاميين ومحاسبة المقصرين. وأشار إلى جهات رسمية عينت متحدثين للتلميع والمدح دون وجود انجاز حقيقي ملموس على ارض الواقع. ومن جانب اخر يؤكد سامي الشيباني اعلامي مختص في الشؤون الامنية: إن أكثر الجهات الحكومية متعاونة ولكن فقط عندما تكون لديهم مناسبة يريدون منا تغطيتها ولكن بعد يوم واحد فقط او اقل من انتهاء المناسبة يكادون ينكرون معرفتهم بنا ولو اتصلنا عليهم وكررنا الاتصال وصفونا بالمزعجين ويقول الشيباني: لو أردنا ان نذكر اكثر الجهات تعاونا وعلى مستوى اخلاقي رفيع فيأتي في المقدمة المتحدث الأمني اللواء منصور التركي الذي أتمنى من غالبية المتحدثين الحصول على دورة تدريبة لديه للتعلم منه كيفية التعامل معنا كإعلاميين ولا أنسى تعاون جامعة نايف العربية ومجلس الشورى حيث يشعروننا بأهميتنا كوسائل إعلام وكإعلاميين. وفي الجانب الآخر من بقية الجهات نعاني مع قطاع الجوازات والصحة بشكل خاص حيث يردون على اتصالاتنا في المواسم فقط كالحج ورمضان ليكي يظهروا من خلال وسائل الاعلام. وقال إبراهيم الشوامين معد برامج تلفزيونية وباحث بالإعلام الرقمي إن المتحدث الرقمي ضرورة لا بد منها وذلك لتنامي استخدام الإنترنت في المملكة وتشجيع الدولة لخدمات الحكومة الإلكترونية وتنامي استخدام السعوديين لمواقع التواصل الاجتماعي. وأضاف: عندما قمت بإعداد برنامج جديد عن الإعلام الرقمي لاستضافة المواقع الحكومية وتقييم نشاطهم والخدمات المقدمة للمواطنين في فقرة ثابتة أسبوعيًا وجدت أن الكثير من المواقع الحكومية خارج الخدمة. ويقول الإعلامي عبدالكريم الشمالي: الجهات الأمنية هي الأكثر تجاوبًا حتى ولو بالاعتذار لعدم التمكن من الإجابة في وقت لاحق لظروف الموضوع واللواء التركي الأميز بسرعة التجاوب وكذلك المرور اما الجهات التي لا تتجاوب الا بشق الانفس فهي كثيرة بل ان بعض الجهات لا يوجد لها متحدثون. وقال حمد بن حسين مراسل قناة الاخبارية: «للأسف المتحدثون الرسميون بشكل عام لا يستجيبون لأول اتصال واحيانا يتطلب الأمر تكرار الاتصال عدة مرات ويضيف: «دائما ما يحدث اثناء الحالات الطارئة او الحالات التي تتطلب سرعة الرد تأخر من المتحدث الرسمي وتصبح المسألة متاحة لعامة الناس لإبداء التوقعات والتحليلات ليظهر بعدها المتحدث ويكون دوره نفي الشائعات. ويقول سلطان المهوس المشرف العام على صحيفة عاجل الالكترونية: التجاوب الاعلامي يختلف بحسب ثقافة وشفافية المسؤول عن الدائرة الحكومية او الخاصة لأنه من يتحكم بالأمر لكن في المجمل الإعلام ارغم الاجهزة الحكومية على الانفتاح والاكثر تجاوبا هم الاجهزة الامنية ووزارة الخدمة المدنية. الجانب النسائي وتقول الصحفيتان مريم الصغير ولمى الصغير: عندما يكون لدينا موضوع يحتاج الى رد من أي متحدث اعلامي نصاب بالإحباط فهم بين أحوال ثلاثة منهم من لا يرد أصلا على جواله ومنهم من يرد عليك وتشعر من خلال صوته انك قتلت قريبًا له وقبل أن تكمل كلامك ينفي الموضوع جملة وتفصيلا دون نقاش وفي حال حاولت مناقشته يقول لك بالحرف الواحد أنتم الصحف الله يهديكم تحبون الفضائح وفي حال اصررت على النقاش يقول نناقش الموضوع وتكون تلك آخر مرة تسمع صوته وعند تكرار الاتصال أكثر من 100 مرة تأتيك رسالة مقتضبة أنا في اجتماع وذلك الاجتماع يطول الى مالا نهاية. واضافتا: المتحدث الإعلامي لم يضع في موقعه إلا للإجابة عن أسئلة وسائل الإعلام والتعاون معها قدر استطاعته لا أن يكون هو سبب تعطيل عمل الإعلام ومشكلتنا أن الكثير من المتحدثين الإعلاميين ينظرون للإعلام كالعدو الذي يتربص بهم شرًا ويؤثرون السكوت إما برفض الإجابة أو بتأخيرها ظنًا منهم أن ذلك سوف يجعل الإعلامي يتراجع أو ينسى القضية. من جانبها تقول ماجدة عبدالعزيز: بعض المتحدثين متعاونون ويتجاوبون من أول اتصال ولكن البعض الآخر لا يتجاوب أبدًا حتى ولو بعد حين لدرجة أنني استمر بالاتصال بشكل يومي لمدة تزيد على الشهر، والطامة الكبرى حينما يشترط للرد خطاب رسمي وننتظر الاجابة لأشهر. وتقول الإعلامية اسمهان الغامدي: المتحدث بات لا يتجاوب مع الصحافي أو الصحافية إلا على حسب علاقته الشخصية به دون تنظيم عمل، ونحن بحاجة إلى مسؤول في مسرح الحدث يتكلم للإعلام وينطق بما يهم المواطن أولًا، لا إن يختبئ خلف مكتبه وينتقي الرد على من يشاء بحكم المعرفة والأهمية. وأتمنى من كل وزير ومسؤول محاسبة الناطق الإعلامي في حال وجد في الصحف المحلية جملة -مصدر مسؤول- والتي تؤكد أن الصحفي احتال على موظف آخر ليصرح له بما لم يصرح به الناطق. وتقول اسمهان: بعض المتحدثين كشفوا لنا أن مسؤوليهم يمنعونهم من كثرة الظهور الإعلامي وهذه مشكلة كبيرة تحتاج لحل سريعًا والحل من وجهة نظري هو وضع عقوبة للمتحدث غير المتعاون مع الصحف. وإلمام المتحدثين بما يحدث بوزاراتهم حتى يتسنى لهم الرد والتجاوب بالشكل المطلوب وتقديم معلومات كافية. وأوضح المحرر في جريدة الوطن نايف بن فيصل الرشيد، أن تجاوب المتحدثين الرسميين مع وسائل الإعلام كان -ولا يزال- دون المستوى المطلوب، وقال إن قرار مجلس الوزراء نص صراحة على فتح قنوات التواصل والتعاون مع وسائل الإعلام، والرد على جميع أسئلتها واستفساراتها، وأوضح بأن عددًا من المتحدثين الرسميين لا يتجاوبون مع رجال الصحافة والإعلام بالوقت المناسب، أو تكون إجاباتهم مكررة، ولا فائدة منها، مشيرًا إلى أن هؤلاء المتحدثين يطلق عليهم «ناطقين بلا فائدة»، وقال ان من ابرز الانتقادات للصحفيين اتصالهم بالمتحدثين في اي وقت. رئيس تحرير الاقتصادية : وزارات البترول والتخطيط والمالية تتجاهل قرار مجلس الوزراء انتقد سلمان الدوسري رئيس تحرير صحيفة الاقتصادية تجاهل العديد من الجهات الحكومية تعيين متحدثين إعلاميين لها. وقال إن الأهم من تجاوب أو عدم تجاوب بعض المتحدثين الإعلاميين، السؤال: أين باقي الوزارات الرئيسة من تعيين متحدثين إعلاميين رغم قرار مجلس الوزراء الواضح في هذا الشأن؟ وقال إن هذه الوزارات تضرب عرض الحائط بالقرار وفي صدراتها وزارات البترول والثروة المعدنية والتخطيط والاقتصاد الوطني والمالية، فضلاً عن مؤسسة النقد. أمّا فيما يتعلق بتجاوب المتحدثين الإعلاميين، فيمكن القول إنهم -في الغالبية- متجاوبون إلى حد كبير، لكن يبقى أنهم لا يزالوا متحفظين، جدًّا، في تعاطيهم مع ما يوجه لهم من استفسارات، لذلك تكون المعلومات المقدمة في العموم باهتة أو بلا لون أو طعم أو رائحة. التركي والعتيبي: شائعات الإنترنت وشبكات التواصل تزيد مسؤوليات المتحدث الإعلامي يقول المتحدث الأمني لوزارة الداخلية اللواء منصور التركي: الناطقون ممثلون للجهات التي يتحدثون نيابة عنها لدى وسائل الإعلام ومراسليها وذلك لتسهيل مهمتهم في الوصول إلى الحقائق والحصول على المعلومات والتفسيرات وإجراء التحقيقات والتقارير الإعلامية، واضاف: يواجه الناطقون والمتحدثون تحديات كبيرة مع تزايد وسائل الإعلام وتنافسها مع بعضها على السبق الإعلامي كما تعاظمت مسؤولياتهم مع تنامي استخدام الانترنت وشبكات التواصل الاجتماعي وما يتم تداوله فيها من أحاديث تتخللها شائعات ومغالطات للحقائق مما يجعلهم مطالبين بالحضور المستمر والتفاعل الإيجابي السريع لتحقيق أهداف مهمتهم بما يضمن توفر الحقائق التي تجسد الصورة الذهنية المتكاملة للرأي العام في كل اهتماماته الوطنية ومواجهة الشائعات. وأكد منصور العتيبي: المتحدث الرسمي لمدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية والمشرف العام على إدارة الإعلام والعلاقات العامة: لم نواجه حتى الآن أي صعوبة أو تقصير من أي جهة إعلامية بل على العكس نجد منهم كل تجاوب ونحن بدورنا حريصون على الرد على استفساراتهم فيما يخص الجانب الإعلامي والعلاقات ولكن فيما يتعلق بالموضوعات العلمية والمتخصصة فنقوم بربط الإعلامي بذوي الاختصاص للرد على استفساراتهم. العناد: المتحدثون يقضون على المنافسة.. ولا ضرورة لهم بمختلف الجهات يرى الدكتور عبدالرحمن بن حمود العناد عضو مجلس الشورى واستاذ الاعلام في جامعة الملك سعود: إنه من حيث المبدأ ليس من المهم تعيين متحدثين رسميين لجميع الجهات الحكومية وانما يقتصر ذلك على الأجهزة الأمنية أما ماعدا ذلك وفي الاوقات الاعتياديه فأرى ان المسؤول الاول يكون مصدرًا متاحًا لجميع الاعلاميين في الموضوعات التي تتعلق بالوزارة او الجهة التي يعمل بها ويضيف: أنا ضد المركزية والصحفي ليس ملزمًا بنشر الموضوع ومعه رد المتحدث الرسمي ويجب أن نصل الى مرحلة يكون فيها المتحدث هو من يتوسل الاعلام لكي ينشر الرد وليس العكس. ويقول العناد: عند حدوث أزمة أو كارثة لا سمح الله فعلى الجهة المعنية تعيين متحدث او مصدر لها مشيرًا الى ان حصر المعلومات في شخص واحد يشجع المسؤولين في الاجهزة الحكومية على عدم الادلاء بأي معلومات لوسائل الاعلام ويقضي على المنافسة بين وسائل الاعلام للحصول على سبق او معلومات مختلفة عن الوسائل الاخرى. كما أن كثيرًا من الاجهزة التنفيذية والحكومية والوزارة ضخمة ووظائفها ونشاطاتها متعددة وتخفي احيانا بعض المسائل الفنية عن المتحدث الرسمي لأنه من الصعب الالمام بجميع التفاصيل المتعلقة باداء القطاعات او الفروع المختلفة ولهذا من الاولى ان يتحدث عن الموضوع من له علاقة مباشرة سواء ادارية او فنية بالموضوع المطروق. ورأى أن المتحدث الرسمي قد يكون من الملائم ان يقتصر دوره على اصدار البيانات الرسمية والصحفية للرد على الاشاعات المكذوبة والمغلوطة.