وصلنا الدور. قالت الجارة معلقة على تسلمهم غرامة شركة المياه التي دأبت منذ فترة إلى تنشيط مجهوداتها في ترشيد استهلاك المياه وعدم اهدارها. والترشيد العقابي الذي تحول إلى ظاهرة في اغلب الاحياء هو في مضمونه اتجاه نافع اذا زاول ترشيده وتوعيته حقا, ودون عشوائية تطبيق او ظلم. ولكن ان تتجه الموجة لكل تدفق غامر واهدار للمياه في الطرق او قليل منه لغسل سيارة او مدخل منزل ويصبح الامر سيان, فهذا غير مقبول. خاصة ان الامر يحدث دون اشعار للساكن في وقت قرار اصدار الغرامة او الاستماع اليه ان كانت هناك تفاصيل غائبة او توضيحات لا بد منها, كما حدث لجارتنا العزيزة. فهي تسكن منزلا ذا بوابتين يفصل بينهما سور يوقف الجيران سيارتهم عنده لانه ليس هناك مواقف مخصصة لمركباتهم, بينما يوقف اهل البيت سياراتهم داخل حوش المنزل. امام احدى البوابات احواض للزرع الذي يتلقى بقية من سطل الماء تستخدم في غسل سيارات الجيران من حارس العمارة المجاورة رغم نهره عدة مرات من قبل لانها عادة ما تكون ممزوجة بالصابون! وفي صباح احد الايام غادر الناس بمركباتهم وبقيت بقعة طرطشة ماء بها رغوة صابون واضحة في صورة جاء بها قريبهم من شركة المياه عندما ذهب يستطلع الامر! وتأملنا الصورة – الدليل – القطعي على اهدار المياه, ووجدنا بقعة مياه صغيرة لم تغادر موقعها ولم تملأ الشارع اهدارا ولم تكن مسؤولية اهل البيت في الاصل ومع ذلك سوف تدفع والموضوع لمرة واحدة قد يكون بسيطا. غير ان الجارة تساءلت معترضة "وهل يجوز ان ندفع غرامة يومية لان الجيران يغسلون سيارتهم في الشارع وامام منزلنا؟؟" حقا ان السؤال منطقي ووارد في ظل مزاولة مراقبي شركة المياه نشاطهم الميداني وفقا لرؤيتهم الخاصة على المشهد ومبررات الغرامة وقد قرأت نقدا بهذا الخصوص على غض نظر المراقبين من طفح المياه من الاماكن العامة كما حدث في بلدية الشمال بالرياض وامتلأت الشوارع المحيطة نتيجة غسل المبنى بينما يتعرض السكان إلى معاملة غير اذا خرجت قطرة ماء لغسل مدخل او سيارة! ويقول عضو هيئة العلماء فضيلة الشيخ علي الحكمي انه يجب على مراقبي شركة المياه الوطنية تحري الحقيقة والتدقيق في الواقعة قبل تحرير المخالفة, وكذلك معرفة سبب ظهورها ان كانت مياها وهل تدفقها عن عمد واهمال ام خطأ غير مقصود ومن ثم البت في الواقعة, ويضيف بأنه لا ينبغي ايقاع المخالفة على المواطن في المرة الاولى والاكتفاء بالانذار على ان تتم مخالفته اذا تكرر منه الخطأ. في المقابل يرى احد القانونين بان الطريقة الحالية التي تتم بها عملية رصد المخالفات وسدادها غير قانونية ويجب اعادة النظر بها لكي يتسنى للمواطن معرفة انواع المخالفات واذا ارتكبها يعرف كم قيمتها, وحينها فقط تكون هذه الجزئية من نظام المخالفات صحيحة ومجازة قانونيا. واخيرا نحن مع ترشيد المياه لا شك ولكن ترشيد الرقابة يبدو لنا اجدر بالاهتمام اولا.