هل حدث أن زرت جزر تونجا..؟ هل راسلت أحدا في رونيون..؟ هل تمتعت باتصال هاتفي مع أحد في جزر فارو..؟ هل أصغيت بشغف إلى صديق يحدثك عن مشاهداته في غوام أو كرياكو..؟.. إذا كنت تسافر كثيرا ما هي معلوماتك عن سان توماس أو سان لوتس أو سان كيتس..؟ أنا شخصيا أصبحت رحالة وصحفيا وكاتبا في آن واحد ولأن الثانية متداخلة مع الثالثة وأن الأولى هواية وليست موهبة فلست أختلف عن الآخرين في شيء من ذلك, لكنني شككت في جدوى رحلاتي التي تكاد أن تكون نصف شهرية حتى إنني حين دعوت أحد الأصدقاء إلى مناسبة زواج ابني محمد سألني.. وهل أنت متأكد بأنك لن تكون مسافرا في تلك الليلة..؟.. شككت في جدواها وأنا اقرأ أسماء مدن وجزر ودول لست أعرف عنها أي شيء مثل توفالو وفوكلاو وانترتيكا وأندورا وبيلزا وبولينيسيا.. كم مر بنا من اسم..؟.. كثير جدا !.. لولا إعلانات شركة الاتصالات في الصحف لما قد ر لي أن أعرف شيئا عن وجودها على الكرة الأرضية.. من يقرأ هذه الإعلانات الكثيرة يتصور ان مشكلة الهاتف لدينا ثابتا أو منقولا ليست إلا الأسعار.. سعر المكالمة أو سعر الحصول على الخدمة, بينما في الحقيقة نحن في دولة لها اتساع القارة لا نمتلك إلا شبكة ضئيلة ربما أن أي جزيرة صغيرة مما سبق ذكرها تفوق في قدرة شبكتها ما هي تنوء به شبكتنا من أحمال, وأعتقد أن شركة الاتصالات قد ساعدت على مضاعفة ثقل الأحمال حين يسرت سهولة الحصول على خط تليفوني وتخفيض أجرة المكالمات الدولية وكان الأجزء والأسلم هو العمل على الحد من انتشار استعمال الخدمة التليفونية ويكون هناك توجه جاد نحو تقوية استيعاب الشبكة وبالذات بالنسبة للجوال.. هذا التيسير في أجرة المكالمة وحيازة الخدمة هو فروسية من غير ميدان.. الناس لا يهمهم أمر ملكية جهاز صامت يردد دائما عبارة "أعد المحاولة مرة أخرى" ثم أليس توجيه مبالغ الإعلانات المبالغ في تعددها وحجمها ونوعية أغراضها الى توفير إمكانات تقوية الشبكة أفصل مما يحدث الآن...؟ ثم إن الناس كلهم يجمعون على إعطاء الخدمة التليفونية بمختلف أنواعها أقصى حدود اهتمامهم ولهذا فالشركة ليست بحاجة الى إعلانات ملونة في أكثر من خمس صحف يومية لأن الغاية من الإعلان هي نشر المعلومة, ولو صرح أي مسؤول في الشركة بكلام موجز جدا عن تخفيض الأسعار الدولية أو مقدم الحصول على الخدمة التليفونية لأي صحيفة فإن الناس سوف يتداولون الخبر بسرعة مذهلة لأنه يهمهم تماما مثلما هي الحال مع الكهرباء والماء اللذين لم يجربا هذا الأسلوب العقيم في ضخ المبالغ بدلا من النجاح في ضخ قدرة الشبكة وتمكين كل صاحب رقم تليفوني من إجراء مكالمات سريعة ومريحة طوال الأربع والعشرين ساعة.. وأرجو ألا يكون رد الفعل لهذه الملاحظات حجب الإعلانات عن جريدة "الرياض" وإنما حجبها عن جميع الصحف الا ما كانت له ضرورة قصوى حيث من حقنا أن نطالب بنصيبنا من الإهدار.