لعل مؤشرات هذا الصيف تشير إلى أن المشككين في نجاح السياحة في بلادنا قد يخسرون الرهان بعد أقل من 5 سنوات على الأقل على حد اعتقادي. ففعاليات هذا العام تؤكد على أن سياحة الصيف لدينا تستشرف على نجاحات قادمة بإذن الله لأنها ستكون السياحة الوحيدة التي تجتذب السواح لنقاء الطبيعة والأماكن الأثرية وقبل كل شيء وبعده السياحة الروحية للأماكن المقدسة. وستبرهن الهيئة العليا للسياحة الوطنية برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بأن السياحة لدينا لها مفهومها الخاص الذي يربط بين الاحتياج والترفيه المباح، ولا تعني أننا نريد أن ننشىء ملاهي ونوادي ليلية للترويح عن المصطافين.. ولاتعني أن نتوسع في دائرة السينمائيات فالفضائيات أشبعتننا بمشاهدة الغث والسمين.. أتحدث من واقع تلمست فيه حماس العاملين والعاملات عبر الهاتف السياحي بتقديم الخدمات المطلوبة للراغبين في البحث عن السياحة الداخلية، بوادر هذه الهيئة بدت واضحة من خلال الفعاليات المنظمة في كل من مدينة الرياض وغيرها وحرصها على التواصل الإعلامي والهاتفي مع المصطافين والراغبين في السياحة مع الأهل حيث أحسنت فعلا بأن ربطت السياحة الصيفية بالجو العائلي. فالأسرة تتعايش على مدار العام في جو عائلي ومنزلي تحكمه الأعباء والأعمال والالتزامات. والصيف هو الفرصة السانحة للتعايش معا ولكن ضمن برنامج سياحي منظم من شأنه أن يقربها معا.. في هذا السياق الصيفي، أتذكر بأن محدثتي أدهشتني بقولها ان أبنها البالغ اليوم للواحد والعشرين من عمره لم يقض أي إجازة صيفية في المملكة منذ طفولته لسبب واحد هو اعتيادهم العائلي السفر لقضاء الإجازة الصيفية في الخارج من بدايتها حتى نهايتها. وأدهشني أكثر أن ابنها بهذا العمر لايعرف ولم يزر الأماكن المقدسة مكةالمكرمة والمدينة المنورة- ولا يعرف أي شيء عنها!! لم يزعجني قولها انه يعرف أدق تفاصيل طرقات وشوارع وآثار باريس ومدريد واسطنبول واليابان أكثر مما يعرف عن بلده.. لأن هذه حصيلة طبيعية للسفر المستمر للخارج. والمحصلة الأخطر هي (ماذا يعرف وماذا لايعرف من المعتقدات والأفكار الدخيلة من كل مجتمع مع كل صيف؟) برأيي أن السفر من الاختيارات الشخصية لكل فرد تحددها الإمكانات المادية والزمنية وعوامل اجتماعية وثقافية أيضا. وسياحية داخلية أو خارجية.. وكلما كانت عملية الاختيار جماعية لجميع أفراد العائلة بالطبع ستنعكس إيجابيا على أفرادها. كل مانتمناه من الهيئة أن تكثف جهودها في طرح أفكار وعروض أكثر من شيقة لتجذب السياح في الداخل والخارج وعلى مدار العام وليس صيفا فقط. والعمل على تخفيف التكلفة العالية لبعض الفنادق والأجنحة المفروشة والتي تجد بعضها أن فترة الصيف هي فرصتها الذهبية لمضاعفة الأسعار.. ما يحرم المصطافين والسياح من التمتع بالسياحة بتغيير خطة السفر بناء على التكلفة الباهظة لهذه الفنادق.. الصيف فرصة جميلة للتقارب والتعارف والترفيه.. لنتشارك معا على التمتع بها.. وإجازة سعيدة للجميع..