حرصاً من وزارة التربية والتعليم على سياستها وحمل أمانتها تقوم باقتناء استراتيجيات فذة تبذل لأجلها جهود مكثفة بدورها تسعى لانتقاء العلم ونهضة التعليم ونبوغ العلماء في بلاد مهبط الوحي ومنبع الرسالة.. ويا لها من استراتيجيات نادرة حديثة وراقية كان بعضها يطبق في مجتمعات غربية وأخرى عربية فوجدت نجاحاً باهراً وجنى المعلم والمتعلم بها ثمارا يانعة.. ولأجل وجود مثل ذاك النجاح لطلابنا قررنا اقتنائها وتطبيقها في مدارسنا وبذل من أجلها جهود عظيمة وكثفت لها دورات تدريبية وأقيمت لها مراكز متخصصة لتأهيل المعلمين والمعلمات وتدريبهم عليها ومن ثم تطبيقها على ابنائنا وبناتنا وفي مدارسنا لكنها وللأسف لا تؤتي ثمارها المرجوة على الوجه المطلوب بالرغم من جديتنا ورغبتنا الملحة في التطوير وكل ما من شأنه النهوض والتقدم في التربية والتعليم.. ومع هذا وذاك نجد أكثر الجهد في ضياع، والوقت في هدر، والمال في خسار، وإن كان هناك نجاح فهو محدود جدا مقابل طموحاتنا في تحقيق تلك الإستراتيجيات التي تسقط أمام ازدحام الفصول بالطلاب لا سيما في مدارس البنات... نعم ذلك الإزدحام الذي يعيق النجاح... وإذا عرف السبب بطل العجب يا وزارتي الجليلة.. فعندما نجحت تلك الإستراتيجيات في تلك المجتمعات كان عدد الطلاب في الفصل مناسب جدا لتطبيق تلك الإستراتيجيات فهم عندما درسوها وصمموها كان هذا الأساس حيث يستطيع المعلم احتواء طلابه وتكثيف الجهد فيهم ولذلك نجحت أيما نجاح فكان للجهد ثمره، ولا يعني قلة الطلاب في الفصل قلة تلك المجتمعات بل لأن المادة هي آخر اهتمامات القائمين على التعليم فهمهم الأول هو تجارة العقول لأنهم على يقين أن هذا النوع من التجارة عندما ينجح سوف ينجح معه كل شيء.. لذا فهم يهتمون بتجهيز البيئة المناسبة لتطبيق استراتيجيات التعلم الحديث .. هذا وفي أحد دراساتهم المتواصلة الحريصة على نبوغ طلابهم قد أشارت مرة الى أن أكثر فصل مزدحم بالطلاب في أحد بلدانهم قد بلغ عددهم ثلاثة عشر طالبا مما أثار جدلا كبيرا قد استُدعي من أجله استحداث فصل جديد وتخفيف العدد لضمان نجاح تلك الإستراتيجيات ولينهي الطالب تعليمه الابتدائي وهو يجيد مهارات عالية ويتميز بكفاءات تقود نجاحه الى نجاح.. بينما تطبق تلك الإستراتيجيات في فصولنا الدراسية المكتظة بالطلاب علما بأن العدد السكاني عندنا أقل بكثير من تلك المجتمعات وثرواتنا تفوق بكثير ثرواتهم ناهيك عن كثرة الخريجين العاطلين، فطلابنا في الفصل الواحد تزيد أعدادهم على الأربعين والخمسين طالبا يقوم بتدريسهم معلم قد سلبت منه جميع صلاحيات التأديب، وهؤلاء تبذل في سبيل تعليمهم الجهود وتصرف الأموال وتعقد من الاجتماعات الطارئة وتصدر التعاميم الحازمة لينهي الواحد منهم تعليمه الثانوي وقد أجاد التفحيط وتفنن في تقليد الموضة الغربية وأساء استغلال التقنية وامتهن التجوال في الأسواق والمجمعات التجارية التي تفوق في مساحتها وعددها وجودة تصميمها مساحات وأعداد وتصميم مدارسنا الحكومية مع شديد الأسف، وبكل اختصار قلة المعلمين والمدارس هي سبب ازدحام الطلاب وعدم جدوى استراتيجيات التعلم.. ولو تكلمت تلك الإستراتيجيات لصرخت بأعلى صوت أيا كل حريص على التربية والتعليم أوقفوا مساعيكم ووفروا جهودكم حتى توجدوا لي بيئة مناسبة.