مع دخول الشتاء يتغير نظام - لطيفة - تتبع أسلوباً كغيرها من نساء الحارة بعد ذهاب ازواجهن للعمل. مع هطول الأمطار ليلاً وإشراق الشمس صباحاً تفترش - لطيفة - بساطاً مقلماً في "بطن الحوى - ساحة المنزل" تستعد لاستقبال ضيوفها من نساء الجيران بعد ان تجهز لهن القهوة والشاي. سعد ابنها يسمونه في الحارة - سعندي – نشيط ومؤذ حتى لوالدته، يحب الضحك حتى لو كانت عواقبة أذية الغير، إذا تأخرت النسوة على زيارة - لطيفة - استرخت لتنام قليلاً تحت اشعة وخيوط الشمس الدافئة. فجأة بدون سابق إنذار يدخل - سعندي - ويصرخ"يووووه - وخري السحبلة دخلت تحتك".. لطيفة ومن صوت ابنها تقفز لاتعلم عن شيء:" وش فيك جعلك المخباط اللي يخبط بك".! يضحك كالعادة ثم يقول:"ترى حريم الجيران جو قلت أبي اعلمك". تسمي على نفسها جراء فعلة - سعندي- الشقي. حتى والده لم يتخلص من شقاوة - سعندي- ورغم كل ذلك كان محبوباً وخدوماً لحارته، في أي طلب من نساء الجيران يلبى لهن ما يرين دون ملل. احياناً ام ابراهيم، جارتهم مقابل "البيت- المنزل"، تضع جلالها على الرأس وتمسك بمقبض بابها وتظهر رأسها لجادة الحارة وتنادي" سعد - سعندي" في كل صباح، تعطية ريالين يشتري لها خبزاً وفولاً. هذا هو سعندي، سريع البديهة جريء شقي لا يكل من المجازفة، يجدونه احياناً يسير فوق جدران البيوت .. يختصر المسافة إذا اراد ان يشاهد التلفاز في بيت أم لولوة . بعد ان تدخل النساء في منزلهم يحتسين القهوة والشاي ويطرقن معلم" القِيل والقَال" هؤلاء النسوة لا يعرفن الا حدود حارتهن وراعي الدكان مهنا "يصبرهن - يسلفهن" بعض الأشياء، واطفال الحارة حينما يلعبون "عكوس ومصاقيل" ألعاب يعتبرونها جديدة لا يسألون عن حلالها وحرامها. (الجميع يعيش كالسحاب الماطر)، سعندي - وهُنَّ في عزّ اندماجهن مع الحديث، يرش عليهن ماءً من السطح، وكأن السماء أمطرت من جديد. أم ابراهيم ل"لطيَّفة" : الظاهر ان السماء انفجرت، خلنا نروح للديوانية"، تضحك عليها " الحصي": هوه وش فيكم، تمطر والسماء صحو" الا ولدك سعد الله يهديه. تصرخ لطيَّفة وهي في حالة غضب على ابنها سعد، "جعلك الجان اللي يصفق بك.!، وش تسوي ف"السطح" والله إن جاء ابوك لأعلمه.. حوّل جعلهم يحولونك محرول، " الحصي" تتدخل لتقول: ترى الدعاء على العيال ما يصير السماء فاتحة بابها للأمهات، انتبهي وانا اختك، ادعي له بالهداية. بعد ايام سعندي – يتزلق - على سطح الدرج، يسقط ويصاب في ظهره، ينشل - تحرول- لم يبق علاج في ذلك الحين الا وداوت ابنها به، دائماً عند الرخاوي و"صحية الفوطة"، لطيفة تبحث عن وسيلة لعلاج ابنها. قال عليه الصلاة والسلام :لا تدعوا على أنفسكم ولا تدعوا على أولادكم ولا تدعوا على أموالكم، لا توافقوا من الله ساعة يسأل فيها عطاء فيستجيب .. رواه مسلم.