في 28 أغسطس 2001م حدث في المغرب أمر غريب لم يتكرر في التاريخ سوى مرة أو مرتين. فقد ولدت إحدى البغال مهراً جميلاً في منطقة أولمس جنوبفاس. وبسرعة انتشر الخبر بين الأهالي فتقاطروا لرؤية المولود الجديد، بل والتبرك به وتقديم الهدايا.. ورغم أن مجلة Fortean Times تحدثت (في عدد ديسمبر الماضي 2004) عن حالات مشابهة وقعت في البانيا وولاية نبراسكا؛ إلا ان ما حدث في المغرب حالة موثقة استقطبت اهتمام العلماء بسبب ندرتها ومخالفتها لكل القوانين الوراثية. فالبغل حيوان هجين بين الحصان والحمار وبالتالي لا يمكن أن يلد أو تكون له ذرية أبداً (.. وهناك مثل ايطالي يقول: لن أصدقك حتى يلد البغل مهراً)!! ويعود السبب إلى وجود حاجز وراثي ونوعي بين المخلوقات بحيث لا يمكن لصنفين مختلفين (كالجمل والبقرة أو الحصان واللبوة) أن ينجبا حتى في حالة تزاوجهما. غير ان هناك استثناءات بسيطة تحدث فقط بين الأنواع القريبة (كالحصان والحمار، والجمل واللاما) بحيث تنجب هجيناً بين النوعين - ولكن حتى هذا الهجين يولد عقيماً ولا تكون له ذرية أبداً (فالبغال والراما لا تنجبان أبداً)!!. ومن فوائد الحاجز الوراثي الحفاظ على استمرارية الحيوان بنفس الشكل والمواصفات الخاصة - وبالتالي عدم ظهور مخلوقات غريبة أو ممسوخة.. كما انه مهم من حيث الوقوف كحاجز أمام انتقال الأمراض الخطيرة من نوع لآخر (فكثير من الأمراض التي تصيب الحيوانات لا تضر الإنسان أبداً/ والعكس صحيح).. ومع هذا قد يحدث تغير مفاجئ في بنية البكتيريا أو الفيروس فينقل المرض بين نوعين مختلفين؛ فجنون البقر مثلا كان حكراً على الماعز فانتقل إلى البقر ثم إلى الانسان. أما الإيدز فهو - بعكس ما نتصور - مرض قديم جداً ولكنه كان حكراً على القردة حتى عشرين عاماً مضت!. ٭ ورغم هذا يحاول بعض العلماء اليوم كسر الحاجز النوعي بين المخلوقات باستعمال الهندسة الوراثية. وهو حلم قديم تعرض له لأول مرة كاتب الخيال الانجليزي جي. ويلز في رواية تدعى (جزيرة الدكتور مور). فقبل اكتشاف الحامض الوراثي وظهور الهندسة الجينية كتب عام 1896 قصة عن بحار تائه يدعى مايكل وصل إلى جزيرة صغيرة مجهولة.. هذه الجزيرة يستوطنها عالم أحياء مجنون يدعى الدكتور مور يحاول كسر الحاجز الوراثي وتهجين مخلوقات مختلطة.. وقد توصل فعلاً إلى انتاج حيوانات غريبة مهجنة (من خلال التدخل الوراثي) ولكنه عجز عن تمكينها من التناسل. أما حلمه الأكبر فكان الوصول إلى سلالة خليط بين الإنسان والحيوان تتمتع بقوة هائلة وذكاء خارق. وحين وصل مايكل إلى الجزيرة كان مور قد توصل بالفعل إلى استيلاد فتاة هجين (هي ابنته بعد تخصيبها في رحم لبوة)... هذه الرواية الغريبة (التي تحولت إلى فيلم عام 1996) ستتحول لواقع لو أمكن فعلاً كسر الحاجز النوعي بين المخلوقات.. غير أن علماء الوراثة أنفسهم يدركون حجم الصعوبات الكبيرة التي تقف في وجه انجاز كهذا - وحتى في حالة نجاحهم ستعجز الحيوانات الهجينة عن التناسل والاستمرار.. وهذه الحقيقة يؤكدها قول المصطفى صلى الله عليه وسلم: «إن الله لم يجعل لمسخ نسلاً ولا عقباً».. وقد جاء قوله هذا حين سئل عن كيفية مسخ القردة والخنازير فقال (نقلا عن عبدالله بن مسعود): «إن الله لم يجعل لمسخ نسلاً ولا عقباً وإنما القردة والخنازير كانت قبل ذلك»!. .. من كل هذا ندرك غرابة ما حصل في المغرب وكيف انه استثناء يثبت القاعدة!!