في العدد الماضي تحدثنا عن محاضرة الدكتور ماري زاناريني ، الأستاذ المشارك بجامعة هارفارد ومديرة معامل دراسة التطور والنمو للبالغين في المستشفى ماكلين في ولاية ماستشوسا . خلال ورشة العمل التي أقيمت على هامش المؤتمر السنوي 158 للجمعية الأمريكية للأطباء النفسيين ، وكانت المحاضرة الدكتورة زاناريني هي أول من تحدث عن اضطراب الشخصية الحدية ، والتي نشرنا جزءًا منها في العدد الماضي . نكمل اليوم هذه المحاضرة المهمة عن اضطراب الشخصية الحدية . ذكرنا في الأسبوع الماضي أهم الأعراض التي تميز اضطراب الشخصية الحدية ، وذكرنا أربعة أعراض ، وهي الشعور بالكآبة ، وتشوش التفكير ، والسلوك الاندفاعي وكذلك المشاكل في العلاقات بشتى أنواعها ( العملية ، الاجتماعية ، الأسرية) . متى يتم تشخيص المرء بأنه يعاني اضطراب الشخصية الحدية ؟ 1. لتشخيص اضطراب الشخصية الحدية يجب أن يكون على الأقل هناك ثلاثة أعراض من الأعراض الأربعة التي ذكرناها في العدد الماضي حتى يتم تشخيص المرء بأنه يعاني من اضطراب الشخصية الحدية . ونظراً لما يترتب على التشخيص للمرء بأنه يعاني من اضطراب الشخصية الحدية. 2 يجب أن يكون الشخص الذي يتم تشخيصه بأنه يعاني من اضطراب الشخصية الحدية واضحاً في اضطراب سلوكه للجميع ، خاصة في اضطراب علاقاته الشخصية من مناحٍ شتى ، فمثلاً يكون مصدر اضطراب وقلق وإزعاج لزملائة في العمل وكذلك كثير الشكاوى للرؤوساء من اضطهاد رؤسائه المباشرين له في العمل ، وهذا الشيء يكون غير صحيح تماماً . وأهم مشاكله تكون في العلاقات العاطفية ، فالزوجة التي تعاني من هذا الاضطراب قد تسبب المشاكل الرئيسية في الحياة الزوجية ، وتكون غيرمهتمة بابنائها ولا تقدر الحياة الزوجية ولا مصير هذه الحياة ، وقد تقدم على علاقات عاطفية خارج نطاق الزواج ، وتسبب مشاكل للشخص الذي ترتبط ايضاً معه خارج الزواج..!! وكثيراً ما ينتهي الزواج بماس مزعجة ، ويكون ضحيتها الأطفال الأبرياء ..!! كذلك فإن الاندفاعية في هذه الشخصية من الأشياء الضرورية لتشخيص اضطراب الشخصية الحدية ، وهذه الصفة من الأشياء المهمة في التشخيص . في دراستها وجدت الدكتورة زاناريني بأن العينة التي اختارتها للدراسة التي استمرت عشر سنوات ، كانت عينة متجانسه من المرضى ، تنطبق عليهم الخصائص المطلوبة للتشخيص حسب الجمعية الأمريكية للأطباء النفسيين . استخدمت الدكتورة زاناريني 17 مقياساً صغيراً ، لتقييم الأشخاص الذين يعانون من اضطراب الشخصية الحدية ، ولفترة قصيرة فإن هؤلاء المرضى كان أداؤهم سيئاً حسب هذه المقاييس. وتم أختيار أربعة مقاييس آخرى كبيرة لإجراء الدراسة لمدة طويلة وكان اداء المرضى الذين تم إجراء هذه المقاييس لهم جيداً . كانت هناك بعض الصعوبات ومحدودية البحث بسبب استخدام مقابلات اكلينيكية لتشخيص المرضى باضطراب الشخصية الحدية . وكذلك ليس هناك عينة ضابطة وكانت العينة التي تم إجراء البحث عليها صغيرة . 92٪ من المرضى الذين استمروا في البحث ، 85٪ من الذين يعانون من اضطرابات شخصية أخرى واصلوا ايضاً الدراسة حتى نهايتها . هذه العوامل حدت من أن يخرج البحث بالصورة التي كان يتوقعها الباحثون ، ولكن في مجمل الأمر كان البحث جيدا جداِ إذ واصل دراسة المرضى لمدة عشر سنوات ، تم تقييم المرضى كل عامين بصورة جيدة ، خاصةً وأنه ليست هناك مقاييس مقننة لتشخيص الشخصية الحدية .