إن معاناة من تضرر من بقائه في دائرة التوقيف يتطلب إيجاد نظام تعويضات جديد، بآلية وملامح محددة، بل وبمعايير ومبادئ، حتى يكون قوياً ومتكاملاً ومنصفاً، سواء فيما يتعلق بالمواطن المتضرر، أو المؤسسة التي قد يلحقها الضرر، أو أي جهة أخرى، بحيث يكون هناك تعويض مجزٍ وجيد، كما أنه من المُهم سد الفجوة القضائية من حيث التنسيق بين ديوان المظالم والجهات المُتخصصة الأخرى، مع إيجاد حلول لبعض القضايا التي تأخذ وقتاً طويلاً جداً في إجراءات عقيمة وغير مجدية. ولو تمعنا في الأحكام الصادرة؛ فإنها تُعد ضعيفة جداًّ مقارنةً بما نسمع ونقرأ عن ما يصدر من تعويضات عن المسجون في دول عربية وعالمية، وهو ما يُحتم تحمل المسؤولية في ذلك وتسريع الإجراءات، وعدم التهاون في الموضوع نهائياً. حق التعويض وقال الشيخ "خالد الداود" -قاضٍ في محكمة الاستئناف الإدارية بديوان المظالم-: أنه إذا كان السجن بغير حق وثبت عدم إدانة المسجون بما نسب إليه، فله الحق بالتعويض، ولو كان الآمر بالسجن شخصاً له قيمة معنوية كبيرة وثبت أن السجن على غير حق، مضيفاً أن التعويض عن السجن يختلف باختلاف الناس والأحوال؛ فسجن الوزير ليس كالموظف العادي، وسجن الضابط ليس كالفرد، وسجن المتزوج ليس كالأعزب في حال عدم إدانتهم، لافتاً إلى أن الأحوال تختلف في المسجون فقد يكون السجن دعوة كيدية للشخص، وربما يكون تجاوز مدة الإيقاف في نظام الإجراءات الجزائية، أو في الحكم الصادر ضده، كإبقاء السجين أكثر من المدة المحكوم فيها، فهذه أحوال التعويض فيها تختلف. أحكام ضعيفة وأضاف أن ديوان المظالم يختص بقضايا التعويض على السجين، لكن مع الأسف فإن الأحكام الصادرة ضعيفة جداً مقارنة بما نسمع ونقرأ عن ما يصدر من تعويضات عن المسجون في دول عربية وعالمية، مُشدداً على أهمية إيجاد نظام يضع معايير ومبادئ للتعويض عن السجن، حتى يكون قوياً ومتكاملاً ومنصفاً؛ لأن الأحوال تختلف، فقد يسجن تاجر صاحب عقارات وأملاك بغير وجه حق، فيترتب على سجنه تعطيل وخسارة في الكثير من الأعمال، متسائلاً: من يتحمل ذلك؟، ذاكراً أنه لابد من نظام ينصف التاجر وينصف الفرد العادي، مُقترحاً أن يشارك فيه عدد من المختصين. التعويض يختلف بحسب حال الشخص (مسؤول، موظف، متزوج، أعزب، ضابط، فرد،..) أو تجاوز مدة «الجزائية» أهل الخبرة وأشار إلى أنه يسمع عن صدور أنظمة، إلاّ أن من شارك بها أُناس ليسوا من أهل الخبرة، مُشدداً على أهمية الاستعانة بأهل الاختصاص، وأن لا يقلوا عن عشرين شخصاً، ناصحاً أن يكون منهم خمسة من القضاة الذين يحكمون في قضايا التعويض عن السجن؛ لأنهم قريبون من الواقع ولديهم خبرة. وعن دمج قضية التعويض بالقضية الأساسية بدلاً من رفع قضية تعويض جديدة، مما يؤدي إلى صعوبة الإجراء المتبع فيها، أوضح الشيخ "الداود" أن التوجه لديوان المظالم في قضايا التعويض عن السجن من الأمور التي ترتبط بالقضية الأساسية، فإذا كانت القضية في المحاكم العامة وثبت عدم إدانة المحكوم، فإنه يُنظر في القضية عن التعويض من يقف عليها في المحكمة العامة، مؤكداً على أن مسألة التنازع لها اختصاصها وتتدرج حتى تُحل. فجوة كبيرة وقال:"يوجد فجوة كبيرة ليس فقط على مستوى التعويضات، بل حتى على مستوى القرارات"، متأسفاً على أن هناك لجاناً مختصة، لكنها قد تطول وتستمر أشهر، وربما سنوات، فيتضرر الكثير من المواطنين، مُشدداً على أهمية تحمل المسؤولية في ذلك وتسريع الإجراءات في إنهاء أي تنازع اختصاص، أو ما يتعلق بأي نوع من أنواع القضايا، موضحاً أن تقدير التعويض يعود إلى القاضي، لافتاً إلى أنه في الوقت الحاضر الأحكام في ذلك ضعيفة، فحينما يسجن موظف فإن التعويض الذي يقدر في الأيام التي أوقف فيها يتم عن طريق النظر إلى راتبه، فيُقسم ويضرب في ثلاثة على اعتبار أنه حبس (24) ساعة، ثم تعويضه بتلك الطريقة!. مراعاة البريء وعن أهم القضايا التي يرى أن يكون عليها تعويض، أكد على أن أي قضية يوجد فيها متهم تثبت عدم إدانته يحق له التعويض، مضيفاً أن الكثير من القضايا تبين أنهم أبرياء وسجنوا دون وجه حق، بل إن منهم من وصل سجنه إلى ستة أشهر، وهناك سنة، ثم ثبت عدم إدانته، ذاكراً أنه حتى من يوقف ليوم واحد فقط له الحق في التعويض، موضحاً أن هناك من يسجن ثم تثبت براءته، فيخرج ولا يطالب بتعويض؛ لأنه لا يعلم بذلك الحق، مُشدداً على أهمية أن يطالب الشخص بالتعويض ولو بعد سنوات من خروجه، داعياً إلى ضرورة مراعاة وضع المسجون البرئ، من حيث الوضع الاجتماعي والنفسي، مشيراً إلى أن المادة المنصوص عليها في ديوان المظالم مقرة، إلاّ أنه لابد من التشديد على تطوير النظام؛ لحفظ حقوق المسجونين الذين ثبتت براءتهم. وأضاف: لابد أن يمنح من يمنع من السفر التعويض؛ لأن المنع من السفر هو في حكم السجين، خاصةً أن من يُمنع من السفر قد يكون مرتبطاً بأمور هامة مثل العلاج، أو توجد لديه تجارة تضررت بمنعه من مغادرة البلاد. التعويض يبدأ من إعلان براءة المتهمين وخروجهم من السجن خالد الداود