الفحص الدوريّ الفنّي للمركبات إجراء معمول بهِ في مُعظم دول العالم. وتم فرضه في بلادنا قبل حوالي ربع قرن (25) سنة من قبل الإدارة العامة للمرور وقد تم افتتاح محطات فنيّة تقوم بتلك المهمّة تباعاً في مُدن ومحافظات المملكة. كنتُ أحد المبتهجين بهذه الخطوة في البداية لاعتقادي بأنها ستخفف من وقوع الحوادث التي يكون سببها المركبة كعطل المكابح (الفرامل) أو عدم صلاحية الإطارات (الكفرات) أو احتراق الأنوار الخلفية للمركبة مما يجعها (خرمساً) لا تُرى ليلاً. مدارس تعليم قيادة السيارات كانت أول مهمّة مرورية تُسند للقطاع الخاص ولكن تم اختيار الشركات بطريقة المفاضلة من تنطبق عليه المواصفات يفوز بالعقد وبهذا كانت من نصيب شركات عدّة في مختلف مناطق المملكة رغم أن الناس ما زالت تسميها باسم شركة معرفة كان لها السبق في افتتاح أول مدرسة في الرياض. بينما مهمة الفحص الفني الدوري للمركبات تقوم بها شركة واحدة أُعطيت الامتياز ما علينا، المهم أن الصورة الزاهية التي كوّنتها في البداية عن مشروع الفحص الدوري اهتّزت ثم حل محلها الإحباط حين قامت دوريات المرور بترك مهامها في الحفاظ على سلامة مستخدمي الطرق وأصبح شغلها الشاغل ملاحقة السيارات للتأكد من وجود وصلاحيّة مُلصق الفحص على الزجاج الأمامي. يعني تفرّغ المرور آنذاك لخدمة الشركة كما يتفرغ الآن لحماية سيارات "ساهر" التابعة لشركات القطاع الخاص وهو ما يدعو للعجب..! هذا السرد التاريخي لمشروع الفحص الفني للمركبات حرّضه "إيميل" كتبه لي مهندس الطيران السيد سليمان حمد الطريّف من سكان العاصمة الرياض وهو أيضا مهتم ومُختص بالسلامة أستسمح القارئ العزيز أن استعرض بعض ما جاء في الرسالة باختصار يقول صاحبنا: "تعلم ما تسببه السيارات الخردة من عطل على طرقات المدن كل صباح وبالتالي تأخير الموظفين بسبب سيارة (مليّس أو دهّان) متعطلة على الطريق. أنا أقترح بأن يتم إلزام أصحاب المركبات التي تعدى عمرها 10 سنوات بفحصها سنوياً، صحيح إنها ستثقل على كاهل بعض السعوديين مستوري الحال ولكن الأجانب والعمال ممن يقود تلك الخردوات سيضطرون لفحصها سنوياً ودفع رسوم للدولة وبالتالي ضمان سلامتها، أما جعل الفحص عند تجديد الاستمارة واستثناء بعض المحافظات من الفحص عند التجديد نظرا لبعد محطة الفحص عنهم يجب أن يتوقف من قبل المرور" يُفجّر السيّد الطريف قنبلة معلوماتية بقوله: "تخيّل... وجدت إعلانا في محطة بنزين مضمونه (نجدد استمارتك بدون فحص ب 400 ريال) وبكل وقاحة واستهتار وضع صاحب الاعلان رقم جوالين.. ماذا يعني ذلك؟ هل يمكن القول بأنه (واصل) وعنده معارف وأصحاب في المرور؟؟" لن أُعلّق على ما جاء في كلام مهندس الطيران لكنني أُذكّره بأن الرسوم التي تُستحصل جرّاء الفحص الدوري لا تذهب إلى خزينة الدولة وإنما إلى حساب الشركة المالكة لمشروع الفحص وسلامتكم.