الكتابة الإبداعية عبر الفيس بوك أصبحت تتأبى على أن تكون ضمن القوالب التي عُرفت لها من قصة ومقالة وشعر... ،فأضحى السرد مقترنا مرة بالصورة ، وأخرى ممزوجا مع الشعر، وتارة مصحوبا بالإحالة الرقمية التي تقود النص إلى مسارب ومدائن وعوالم إبداعية ومعرفية متعددة، وحينا بأكثر من حالة اقتران من ذلك . هذا الاقتران اخترق التجنيس، وجعل للكتابة حالة من الاندياح في الفضاء الثقافي والمعرفي، وجعل حالة استقباله غير مرتهنة لقالب التجنيس. لوأعدنا النظر في نص عبد العزيز الطلحي الذي نشر في المقال السابق، لوجدناه مقترنا بالصورة ،التي يمكن لكم أن تجدوها بصفحته في الفيس بوك بعنوان ( د . عبد العزيز الطلحي )، على الرابط https://www.facebook.com/azizaltalhi?fref=ts ، أو في قسم الصور بموقعي على الرابط (www.draali.com )،حيث كان إنتاج النص مقترنا بالمشهد، وتلقيه معتمدا على تفاعل المتلقي مع الصورة التي تنقل المشهد ، فحين يقول (أيتها البازغة من بين الحشائش، لا تكبري، غدا ظلك العريض لن يجد له متفيئا)، فإن المتفاعل مع النص يزداد تفاعله بنظره في الصورة ، لهذه النبتة التي طرحت وجودها بشوكاتها المتأهبة لوخز أي قدم وأي ثقل يهدد حياتها ، حتىإذا كبرت كانت حامية لبلتها وأغصان ظلها الوارف، وإن جار عليها إنسان، كانت مع ركائز أخر حامية لمحميته، فكانت الأشواك بمنظرها مستدعية لهذه العوالم،وما كان قول عبد العزيز الطلحي(عيشي زمن التحولات من نعومة أظفارك المدببة، فلن يختال أحد بوجودك في قدميه)، إلا إبحار في تداعيات التأمل في الرأس الحاد للشوكة، وما تستدعيه من ذكريات الطفولة، وثقافة البادية التي تلقى في وجدان الأطفال ،وتجعلهم يتيهون بوخز الشوك مقاومة للشعور بحرقته والرعب من الدماء، وتحمل المعالجة، ومضاعفاتها،أو تداعيات الثقافة التي تحيل إلى ذلك الوخز في مثل قول محمد الثبيتي :هذي الشقوق التي تختال في قدمي قصائد صاغها نبض المسافات. إذن كان النص بدعم من الصورة يذكي التأمل، ويستثير قواه، ويستدعي عوالمه. كان كل من الفيلم، والصورة ،والمشهد في الفيديو والصور المتحركة ،له عوالمه ومجالات التفاعل معه، وأمكنتها، لكنه مع الفيس بوك أصبح منداحا مع عالم الإنتاج اللغوي، وكان الإنتاج اللغوي في المقال، والقصة، والشعر، والرواية، محظيا في أمكنته في الصحافة والمجلات والكتب والدواوين الشعرية، والمجموعات القصصية، لكن هذا وذاك يمتزج الآن ويتعاضد ويتفاعل عبر استثارة قوى الاستدعاء لهذه العوالم، ويستثير في الإنسان المتلقي قواه المختلفة لتتفاعل مع هذا المزج؛ مما جعل الإجناسية الإبداعية في حال تغير وتحول، وفي حال البحث عن تصنيف جديد لن يستقر، وعن تجدد لا يكف عن المفاجأة في تبدل المقامات، وطرق التعامل والتفاعل مع المدونات، والمعروضات،ومصاحبة تجدد الحالات. حين نتأمل المدونات التي يفتح بها مبدعو الفيس بوك صفحة من التفاعل مع متلقيهم ،نجد أن التفاعل مع هذه المدونات جعل لها مقاما متقدما في التفاعل وفي المقروئية الفاعلة المنتجة . من مدونة طويلة لرفيدة الفتني، أختار ابتداءها، حين تقول : هل شاب حزن القلم في يدي أم لازال بكرًا يراود الحياة عن نفسه؟! ..أين الزمن الذي كنت القوية فيه !أقف متحجرة أمام الدموع الفائضة من جراب الزمن وأجيد صنع النسيان بمهارة وكنت أحبو وحدي في سراديب العمر دون أن أشعل فتيلا ونسيتك تمامًا .. على الرابط : https://www.facebook.com/fahad.radah?fref=ts في هذا النص يظهراعتماد الكاتبة على التفاعل ، لذا بدأت مدونتها بالتساؤل ، اعتمدت على فتح النص على احتمالات يتحرك في ضوئها المتابع، ولذلك كان النص يتردد بين محاور: القلم ، الزمن ، الرجل ، عطاء المرأة ، ولذلك جاءت التفاعلات مع هذا النص . التي نمت عن التقاط حالة الحزن ،وعن فعل الزمن في علاقاتنا وتفاعلنا مع الأشياء والعالم .