لم تجد «فاطمة» التي كتبت على حائط صفحتها على الموقع العالمي الشهير «الفيس بوك» ما يستوعب مشاعر الألم التي تحسّ بها خارج حدود التقنية الإلكترونية، ما جعلها ترى أن المكان المناسب لبث همومها المعاشة داخل أسرتها هو ال«facebook»، الموقع الذي تحول لدى كثير من السعوديات لمكان تدون فيه المشاعر المكبوتة التي لا يستطعن أن يعبرن عنها أمام الرجال في أسرتهن. ولا تعتبر فاطمة في الموقع الفتاة الوحيدة التي دونت معاناتها مع أسرتها في «إيقونة الحائط»، تاركة حرية التعليق على ما تدونه للمضافين لديها كأصدقاء، تقول: «إن الفيس بوك مكان أشعر فيه بالراحة النفسية، لأنه يوصل مشاعر الألم التي أعيشها للناس المضافين لدي»، مضيفة: «حين أكتب ما أتعرض له في منزلي من ضغوط أشعر بالارتياح، فالمجتمع الواقعي لا يسمح لي بالتحدث علنا عن القضايا التي أعيشها في شكل معاناة في بيتي». وعلى الرغم أن فاطمة تمكنت من إيجاد نحو 6500 صديق في صفحتها الشخصية، إلا أن فتيات أخريات يخالفنها الرأي، تضيف «هناك من يعلق على حائطي بشكل سلبي، لكن ذلك لا يضايقني، فحين أكتب مثلا أن أخي اعتدى علي بالضرب مساء اليوم، تخرج إحدى المخالفات لرأيي، فتشدد على أن ما أفعله خطأ لأنه يعرض خصوصيات أسرتي في الانترنت، مطالبة إياي بالصبر». وتتابع رادة عليها «إن الخصوصية لا تأتي في هذا المكان، ومع أني لا أملك الجرأة في الحديث علنا عن مشاكلي الأسرية لما يترتب عليه من غضب في أسرتي، إلا أني لا أجد طريقا أتنفس منه، إلا عبر هذا الموقع الذي يوصلني بشريحة كبيرة من الناس». وفاطمة التي سجلت في موقع ال«facebook» قبل نحو عام تشدد على أن الموقع يمكنها من صنع مجتمع افتراضي، يستطيع أن يفهمها مهما اختلف معها، وتقول في هذا الصدد: «ليس هناك ما يشه هذا الواقع التقني في الحقيقة»، مستدركة «أقر أنه واقع حقيقي، إذ أن الناس المشاركين بكتاباتهم وصورهم حقيقيون في نهاية المطاف لكن كل شخص فيهم له ظروفه». وتتابع «لا أتمكن من المشاركة باسمي الحقيقي، فهذا يجعلني لا استطيع البوح بما أشعر». وليس بعيدا عما تدونه فاطمة في الموقع الشهير يقول محمد العوامي، وهو خبير في موقع ال«facebook»، وتصميم المواقع الإلكترونية: «إن ما يميز الفيس بوك هو منحه الكثير من التواصل، خلافا للمنتديات التي يدخل المرء فيها بنية المشاركة على موضوع معين، فيما يعتبر دخول الشخص على الفيس بوك بنية النظر في ما يدونه صديقه في الموقع»، مضيفا «إن كثيرا من الأصدقاء في الفيس بوك يشاركون الذين يكتبون في الحائط أو في شكل مدونة مطولة، ويتم التفاعل مع الكتابة بشكل مختلف جدا عن الشبكات أو المنتديات»، مشيرا إلى «أن المنتديات ليست تفاعلية في الجانب الشخصي كما هو الحال في الفيس بوك»، ويضيف «من هنا يأتي الشخص للفيس بوك من أجل تسجيل حياته اليومية بكل تفاصيلها ليطلع عليها الأصدقاء»، مستدركا «هناك من يؤسس صداقات في كل أنحاء الوطن العربي، إذ تبلغ بعض الصفحات للحد الأقصى».