ينخرط معظم طلاب الجامعات في آخر فصل دراسي في التدرب العملي، من خلال المقررات التي تلزمهم على العمل بإحدى الشركات أو المؤسسات الخاصة أو العامة؛ بهدف الاحتكاك ببيئة العمل والحصول على خبرات حقيقية تصقل الطالب وتجعله جاهزاً للعمل بعد التخرج مباشرةً، إلاّ أنّ بعض الطلاب يشتكون من تجاهل بعض الشركات للمتدربين وعدم الاهتمام بهم، وذلك بعدم السماح لهم بممارسة العمل أو رفض توكيلهم بأعمال بسيطة وبعيدة عن تخصصاتهم؛ لتنتهي فترة التدريب بالنسبة لهم بلا أي خبرة يتم اكتسابها، فيما آخرون يذكرون أنّ بعض الموظفين في الشركات التي تستقبل الطلبة المتدربين تعمد إلى تهميشهم؛ خوفاً من منافستهم على الوظائف، خصوصاً وأنّهم يحملون شهادات أكاديمية وتنقصهم فقط الخبرة. وفي الوقت الذي ينتظر فيه عددٌ من الطلبة المتدربين ممارسة العمل في الآلات والمختبرات بحكم تخصصاتهم، إلاّ أنّ المفاجأة كانت بطلب المشرفين عليهم بمباشرة بعض المهام التي لا تمت لتخصصاتهم بصلة؛ كطباعة المستندات، ومراقبة حضور وانصراف الموظفين، وأرشفة الأوراق في الملفات. خوف من المنافسة وقال "أحمد الدوسري" -خريج هندسة- إنّه تفاجأ من تعامل مدير المكتب -من جنسية عربية- الذي أوكل له بعض المهام البعيدة عن تخصصه، معللاً ذلك بأنّه يجب أن يتعلم كافة الأعمال بالشركة، مبيناً أنّ بقاءه في مراقبة حضور وانصراف الموظفين ونسخ الخطابات طال أكثر من اللازم؛ مما جعله يخسر فرصة كسب خبرة في التعامل الميداني مع المشروعات والتأقلم مع بيئة العمل وتحدياته. وأضاف "الدوسري": "كان واضحاً أنّ مدير المكتب ليس حريصاً على تقديم أي خبرات عملية للطلبة المتدربين في الشركة، وساهم في ذلك إهمال بعض المتدربين الذين اتخذوا من تصرف المدير حجة للغياب والنوم، معتقدين أنّه متساهل معهم، فيما الحقيقة الواضحة أنّ المدير لا يريد أي منافسة من خريجين سعوديين له ولأبناء جلدته، العاملين في الشركة". عدم تعاون وأشار "عقيل السيهاتي" إلى عدم تعاون الموظفين والمدربين في بعض المؤسسات التي تستقطب الطلاب المتدربين، خصوصا من بعض الأجانب الذين يلاحظ عليهم عدم الرغبة في تعليم المتدربين بأساسيات وطرق العمل، مضيفاً: "في كثير من الأحيان نرضخ للتدرب في مؤسسات لا تواكب الطموح؛ لعدم حصولنا على قبول من قبل المؤسسات والشركات الكبرى، لاكتمال العدد بالنسبة لهم أو لعدم رغبتهم في التعامل مع المتدربين، وأكثر ما يثير قلقنا هو عدم اهتمام الشركات بنا، من خلال توكيلنا بمهام لا تواكب احتياجات سوق العمل؛ مما يضطرنا لمواصلة التدريب بهدف الحصول على التقرير النهائي الذي يمكننا من إتمام دراستنا"، منوهاً أنّ أسوأ ما قد يواجهه الطالب المتدرب هو غياب الإرشاد والتوجيه والمتابعة الدقيقة من قبل مشرف التدريب بالجامعة أو الكلية، وهو ما يسبب ضياعا وعدم وضوح بالنسبة للمتدرب في أول تجربة ميدانية له. فصل تدريبي وأوضح "د.طلال بن موسى الخروبي" -وكيل عمادة شؤون الطلاب للتوظيف والتدريب بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن- أنّ بعض الشركات والمؤسسات المحلية والأجنبية تتسابق على كسب ود الطلاب لتوظيفهم والإفادة من خدماتهم، حيث تكون فترة التدريب اختباراً للوقوف على جاهزيته وحرصه على العمل للظفر بخدماته بعد التخرج، مبيناً أنّ "جامعة الملك فهد" تلزم جميع الطلاب بمختلف تخصصاتهم على التطبيق العملي لمدة لا تقل عن (8) أسابيع للتدريب العملي والمسمى "الترم الصيفي" أو التدريب التعاوني ومدته (28) أسبوعا، مشيرا إلى أنّ المدة تختلف على حسب تخصص الطالب، إلاّ أنّ جميع الطلاب يجب أن يكونوا متفرغين تماماً للفصل التدريبي بدون أي مقررات دراسية، مع احتساب ساعات العملي ضمن المواد الدراسية باعتباره طالباً منتظماً. تدريب الطلاب ونوّه "د.الخروبي" على أن الجامعة تراسل جميع الشركات في المنطقة "الشرقية"، إضافة لبعض الشركات الكبرى في "الرياض" و"جدة"، بهدف توفير فرص تدريبية للطلاب، ومن ثم إعلان الفرص المتاحة لجميع الطلاب عبر الموقع الإلكتروني يوضح من خلاله العرض المقدم للمتدرب من ناحية الراتب أو المكافأة، إضافة للمكان المتاح العمل فيه، حيث تكون بعض مواقع الشركات بعيدة عن الجامعة، كما تقدم بعض الشركات سكنا للمتدرب وتأمينا صحيا طوال فترة التدريب، وبدل نقل أو سيارة، وذلك حسب طبيعة عمل الشركة، لذلك يتم إعلان كافة التفاصيل للطلاب الذين يدخلون على الموقع ليختاروا المناسب لهم، لتوزعهم إدارة التدريب على حسب الدرجات والمعدل التراكمي بحيث تغطى جميع الفرص. ولفت "د.الخروبي" إلى أنّه باستطاعة الطالب أن يبحث عن فرص أخرى غير المعلن عنها، من خلال بحثه عن شركات تناسب طبيعة دراسته، فيما آخرون يستطيعون الحصول على موافقة للتدرب في الشركات المتواجدة في مدنهم باعتبارهم متواجدين في المنطقة الشرقية للدراسة فقط، وهو ما يتيح لهم التدرب والعمل في الشركات وفي الوقت نفسه الالتقاء مع أهلهم وذويهم. تطبيق خارج المملكة وذكر "د.الخروبي" أنّ بعض الطلاب يبحثون عن فرص خارج المملكة، حيث تدعم الجامعة هذا التوجه وتشجع الطلاب على هذا الجانب مع التركيز على أن يكون السفر لدولة صناعية بمستوى كبرى الشركات في المملكة أو أفضل منها، مبيناً أنّهم لا يوافقون على الدول التي تفتقر للتقنيات الصناعية والإنتاج الجيد، وذلك ليكتسب الطالب المزيد من الخبرات العملية والاجتماعية، من خلال معايشته واحتكاكه بالمجتمع، مع تفضيل الدول التي تعدُّ الإنجليزية "لغة أم"، ولكن لا يمنع هذا من سفر الطلاب لدول تتحدث لغات أخرى، حيث تتعاون الجامعة مع شركتين من كبرى الشركات في اليابان منذ 1957م، كما يوجد تعاون مع شركات في "أمريكا" و"النمسا" و"ألمانيا" و"فرنسا" و"بريطانيا" و"سويسرا"، وهناك من طبق وتدرب بمصانع الطائرات في "اندونيسيا" و"سنغافورا" و"كوريا"، وقد تحصل الطلاب في إحدى المرات على فرص تدريبية في "إيطاليا"، ولكن لم يستطيعوا التواصل مع الشركة باللغة الانجليزية، لذلك فضلوا عدم إرسال طلابنا حتى لا يتعرضوا لمشاكل بسبب عدم القدرة على التواصل مع مسؤولي الشركة". المتدرب مثل الموظف وكشف "د.الخروبي" أنّ الجامعة تخاطب الشركات المتعاونة معهم في تدريب الطلاب على التعامل مع المتدربين كموظفين وليس كطلاب؛ بهدف تجهيزهم بشكل مثالي واحترافي لسوق العمل، حيث يطلب من كل متدرب أن يرسل للجامعة الخطة التدريبية في الشركة بكامل الفترة، ويتم التركيز بشكل أكبر على الطلاب المتدربين في شركات جديدة بالنسبة للجامعة، فيما يستثنى بعض الطلاب المتدربين في بعض الشركات المعروفة والتي تقدم الخطة للمتدربين بعد توزيعهم على الأقسام والوظائف المتاحة لديها ليرسلوها بعد فترة من مباشرة الطالب للتدريب، وبعد أن ينهي الطالب فترة التدريب الخاصة يسلم تقريرا مفصلا عنها، يذكر فيه موقعه بالتحديد والمهام التي أوكلت له ويوقع عليه من قبل الشركة، والتعرف على المشاكل التقنية التي واجهته أثناء تدربه وكيفية تعامله معها، وهل كان ذلك باستشارة الجامعة أو المشرف المباشر في الشركة أو البحث في الإنترنت عن أفضل الحلول، إضافةً إلى مناقشة ما أفاد منه عند مواجهة المشاكل أو تحديات العمل. تدريب الفصل الأخير في الجامعة يحتاج إلى جهد أكبر في التنسيق مع القطاع الخاص تهيئة طلاب الجامعة لسوق العمل تبدأ من السنة التحضيرية