ليس من السهل الوصول إلى وجهة نظر متوازنة وموضوعية حول المكونات السمّية المحتملة في منتجات العناية بالبشرة. فبينما تدّعي شركات التجميل أن المكونات الداخلة في منتجاتها آمنة على البشرة تسعى غيرها من الشركات التي تُعنى باستخدام مواد طبيعية في مستحضراتها لإثبات أنها الأكثر أماناً. وبعيداً عن هذا وذاك تبني معظم الدراسات أبحاثها على السميّة الحادة للجرعات عالية التركيز متناسية الأضرار البسيطة المزمنة والناتجة عن الاستخدام الطويل للجرعات الطفيفة (وهي الحالة الأكثر حدوثاً على أرض الواقع). فيما يلي بعض الاعتبارات المتعلقة بالأضرار المحتملة بسبب مكونات العناية بالبشرة. كلما زادت معرفتك كان لديك فرصة أفضل لاختيار منتج ذي فوائد شاملة السمية الجهازية بالنسبة للمكونات الداخلة في تركيب المستحضرات الموضعية - فإن السمية الجهازية تعني امتصاص الجلد للمكونات السامة ووصولها إلى مجرى الدم ثم انتقالها عبره إلى أعضاء الجسم المختلفة مما يسبب لها أضراراً. ومن غير المرجح أن تنجم السمية الجهازية عن منتجات العناية بالبشرة التي تؤخذ من الصيدلية بدون وصفة طبية. على كل حال هناك بعض الأدوية الموضعية - مثل كريمات العلاج الهرمونية - قد تشتمل على خطورة السمية الجهازية. المنتجات الطبيعية مقابل المستحضرات الصناعية يؤمن أنصار المنتجات الطبيعية للعناية بالبشرة بأن أي مادة طبيعية هي أكثر فعالية من نظيرتها الاصطناعية، وأن المواد الكيميائية الاصطناعية جميعها سامة. الواقع هو أكثر تعقيدا من ذلك. وفقا للعلم الحديث فإن التأثيرات البيولوجية لمادة كيميائية معينة هي نفسها سواء تم اشتقاقها من مصدر طبيعي أو تصنيعها في المعمل. والأمر صحيح من الناحية النظرية إذ تعتمد نقاوة المادة فعلياً ومدى احتوائها على الملوثات على ما إذا كانت مشتقة من مصدر طبيعي أو محضرة صناعياً. حيث تزداد نسبة الملوثات بصورة عامة في المواد الكيميائية الاصطناعية ولكن هذا لا ينفي حدوثها أحياناً مع المواد الطبيعية. وعلى ضوء ذلك فإن استخدام المنتجات الطبيعية يقلل من خطر الملوثات السامة ولكنه لا يضمن انعدامها تماماً. ومن المهم أيضاً مراعاة معايير الجودة والسلامة من الشركة المصنعة. وأن نضع في اعتبارنا أن كل المنتجات الطبيعية تميل إلى أن تتحلل وتفسد بسهولة أكبر. بعض المواد الاصطناعية ليس لها نظائر طبيعية أو يتعذر اشتقاقها من مصادر طبيعية. ولهذه المواد جوانب سلبية وإيجابية. فبينما يخلف بعضها آثارا ضارة على الجلد، يتميز بعضها الأخر بآثار إيجابية تفوق نظيراتها الطبيعية إلى حدٍّ كبير. خلاصة القول إن الاختيار بين المنتج الطبيعي والصناعي لابدّ أن يتم على أساس كل حالة على حدة. فعلى سبيل المثال فيتامين E الطبيعي أكثر فعالية. من ناحية أخرى فإن مادة ترتينوين tretinoin المعروفة كعامل مضاد للتجاعيد (الموجودة في Retin A) لا تتوفر إلا في شكلها الاصطناعي. ولذا قد تغفل عن استخدامها والتمتع بفوائدها إذا كنت ممن يقتصرون على استخدام المنتجات الطبيعية فحسب. الأضرار البسيطة التي تصيب الجلد قليلة هي المنتجات الخاصة بالعناية بالبشرة التي تسبب على الفور أضراراً واضحة على الجلد إلا فيما يتعلق تحديداً بالأشخاص الذين يعانون من الحساسية الجلدية. وفيما عدا ذلك فإن الأضرار أشد ما يمكن أن تكون على هيئة تهيج طفيف وجفاف وغيرها من الآثار البسيطة التي قد تعجل في ظهور علامات التقدم في السن على الجلد مع مرور الزمن. لسوء الحظ، العديد من المكونات الداخلة في مستحضرات العناية بالبشرة لم يتم دراستها على ضوء هذا السياق. وبالتالي فإن الأثر الفعلي لمنتج ما من منتجات العناية بالبشرة هو غالباً التوازن بين فوائد المكونات النشطة والأضرار الطفيفة المحتملة من المواد الحافظة والمثبتات والعطور الاصطناعية والعوامل الأخرى غير النشطة. أحيانا يكون من المستحيل القول ما إذا كان الأثر الناتج يستحق كل هذا العناء. هناك طريقتان تكمل إحداهما الأخرى في سبيل التغلب على هذه المعضلة. أولاً: معرفة المزيد عن المكونات، بما فيها المواد النشطة وغير النشطة - كلما زادت معرفتك كلما كان لديك فرصة أفضل لاختيار منتج ذي فوائد شاملة. ثانياً: الاعتناء شخصياً ببشرتك، ويمكنك فعل ذلك ببساطة من خلال تفادي المكونات الضارة قدر المستطاع كالألوان الاصطناعية والعطور والمواد الحافظة والمثبتات. بعض المكونات التي ينصح باجتنابها فيما يلي بعض المواد التي يمكن أن تضرّ بالجلد عند استخدامها على المدى البعيد، أو أن وجودها ضمن المكونات لا يعتبر فعالاً. اليوريا Imidazolidinyl Urea واليوريا Diazolidinyl Urea: وتستخدم كمواد حافظة لمنع نمو البكتيريا على الرغم من عدم فعاليتها ضد الفطريات. وهي سبب شائع نسبياً لالتهابات الجلد التماسية. والفورمالديهايد - وهي مادة كيميائية سامة.على الرغم من أنه لم تثبت آثارها الضاره على الجلد حتى الأن ولكن من غير المستبعد حدوثها على المدى الطويل. كبريتات لوريل الصوديوم Sodium Lauryl Sulfate: وهي إحدى المكونات شائعة الاستخدام في المنظفات وشامبو الشعر، وتعد آمنة نسبياً نظراً للوقت القصير الذي تدوم فيه ملامسة المادة للجلد. و يحتمل أن تسبب المادة في حالة التعرض لها لفترة طويلة جفافاً وتهيجاً وأضرارا أخرى على الجلد. في الواقع، يتم استخدام كبريتات لوريل الصوديوم أحيانا كمادة مهيجة للجلد في اختبارات المعامل التي تجرى لدراسة المواد الواقية للجلد. وهكذا لا مانع من استخدام كبريتات لوريل الصوديوم طالما كانت مدة التعرض لها قصيرة، ولكن الأفضل تجنبها كلياً في غسول الوجه ومنتجات تنظيف البشرة. الألوان الاصطناعية: من غير المعروف ما إذا كانت الألوان الاصطناعية آمنة تماما أو ضارة على الأقل في المدى البعيد. وبما أنها لا تؤدي غرضاً مفيداً بعينه فالأفضل تجنبها (إلا إذا كان تجنبها ينطوي على التخلي عن منتج جيد من نواحٍ أخرى). ويتم وصفها ضمن مكونات المنتج بالحروف FD&C أو D&C ، يليها ذكر اللون والعدد، على سبيل المثال FD&C Red No. 6 ،أو D&C Green No. 6. العطور الاصطناعية: هناك أكثر من 200 نوع من العطور الاصطناعية المستخدمة في مستحضرات التجميل. ولا توجد طريقة لمعرفة أيها تمت إضافته في المنتج الخاص بك، فكل ما تقرأه ضمن المكونات هي ببساطة كلمة «عطور». ولا يزال السؤال المطروح هو مدى أمان العطورات الاصطناعية. في كل الأحوال من الأفضل تجنبها كونها لا تمنح البشرة أي فوائد فعلية والتعويض عن الرائحة العطرية باستخدام كريمات الترطيب لطيفة الرائحة. وبغض النظر عن سلامة العطور الاصطناعية فإن بعضها قد تؤثر في خصائص المنتج وتعجل بتلفه. الإيثانولامينات Ethanolamines: (وتعرف أيضا باسم مونوايثانولامين MEA، وكذلك باسم الديثانولامين DEA، ترايثولامين الملقب TEA): وهي مثبتات درجة الحموضة الشائعة pH stabilizers. عند تعرضها للهواء أو الأكسجين الناتج من مركب النيتروزامين nitrosoamines (مادة كيميائية مسرطنة) فإنها تصبح مادة مهيجة أو سامة. ومن غير الواضح تحديداً كمية النيتروزامين nitrosoamines التي تتحد مع الإيثانولامينات أثناء الاستخدام العادي لمنتجات العناية بالبشرة. البرابن Parabens (مثل الميثيل، الأثيل، بروبيل البارابين وبوتيل): وتستخدم كمادة حافظة؛ تمنع نمو الميكروبات وتزيد من فترة صلاحية المنتجات. قد يتحلل الميثيل مطلقاً غاز الميثانول وهو مادة كيميائية سامة. ومع ذلك إن كمية غاز الميثانول المنبعثة من الميثيل المستخدم في مستحضرات العناية بالبشرة تعتبر ضئيلة ودون الحدّ الذي يؤثر فعلياً على الجهاز النظامي للجسم. وبصورة عامة لا يعاني معظم الناس من ردود فعل عكسية واضحة على الجلد من جراء استخدام البارابين. ولكن الحاجة للمزيد من الأبحاث لا تزال قائمة للتثبت من حقيقة سُمِّيتها أو آثارها الضارة على الجلد على المدى البعيد.