القرارات الشجاعة والحكيمة والرؤيوية تصنع تاريخ مستقبل الجغرافيا والتاريخ والإنسان، وتضع الدول أمام مفاصل حاسمة في تاريخها الاقتصادي والحياتي والأمني، وتعبر بها إلى مرافئ سخية بالعطاء والإنتاج والفكر الذي يستوحي العمل الجاد والمخلص طريقاً لتحصين المنجز، وإضافة قيمة في سباق التطور والتحديث والتكامل البنيوي للمؤسسات، والقرارات هذه التي تشكّل المنعطفات لا يصنعها إلا القلة من الرجال الذين يبرزون في حياة الأمم والشعوب كالشهب المضيئة فيغيرون من واقعها، ويحركون الراكد في حياتها، ويتجاوزون المألوف والسائد إلى فعل التغيير الإيجابي الذي يرتقي بالعمل إلى رؤى تقفز بالزمن المعاش إلى أزمنة قادمة تُؤسس برامجها وخططها لحياة الأجيال المستقبلية، وأنماط عيشها واستقرارها الأمني والحياتي، فالوطن يعيش هاجساً وهمّاً لدى هؤلاء الرجال، والتاريخ يُخضعون مسيرته، وتحولاته، ومستجداته إلى إرادة الفكر الاستشرافي، ومتطلبات التغيير والانتقال إلى مفاهيم الحداثة في مجمل مضامين الحياة، وإدارة الدولة بعقل منفتح على كل أنماط الوعي، وبفهم واضح وصريح وغير مجامل أو ملتبس لما يجب أن نكون عليه من امتلاك أدوات وعناصر ومتطلبات العصر الذي نتواجد فيه، ونقيم في حراكه، مع إيمان كامل بالعمل من أجل الأزمنة القادمة، ورفض الدخول في متاهات التردد، أو الخوف، أو الارتباب من استيعاب المفاهيم المؤهلة لاقتحامها، وتأصيل الإرادة والقناعة في قدرتنا على الانخراط فيها بوعي وفهم وعقل. وخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز رجل يؤمن إيماناً راسخا ومطلقاً بأن المستقبل المضيء للوطن والإنسان يتحقق في جرأة الاقتحام للتاريخ، وتكريس مفاهيم العصر في الفضاء الاجتماعي، ومن يقف عند مفترق معين، أو ينتظر في محطة عبور متردداً وجلاً متهيباً سيدفع أثماناً باهظة نتيجة لهذا التوقف والانتظار، وليس بمقدوره أن يحمل الإرث، والإنسان إلى قمم المجد المتوج بالعطاء والخلق والإبداع والمساهمة في ثراء الإنسانية بالعمل الرائد، ولهذا فقد شهد الوطن قرارات مفصلية تتسم بالشجاعة والحكمة على كل الصعد إن كانت اقتصادية، أو تعليمية، أو ثقافية، أو فكرية، أو اجتماعية، لأنه - حفظه الله - مؤتمن على الإرث الجغرافي والحضاري والاجتماعي، ويحمل في داخله همّ الوطن والمواطن كقائد استثنائي، وزعيم فتح التاريخ له صفحاته ليحتل فيها فضاء رحباً ومبهراً . إن معركتنا مع التحديث والتطور وامتلاك أدوات العصر، وتكريس التنمية الشاملة تحتاج إلى عقول تمتلك الوعي والرؤية والرغبة الجادة في العمل، وتبتعد كثيراً، كثيراً جداً عن مفاهيم أن الوظيفة امتياز وتكريم، واستعادة مفاهيمها الحقيقية كمسؤولية وواجب وأمانة تجاه الوطن والمجتمع على المكلف بها أن يمارسها كضريبة الانتماء والمواطنة وإيفاء الوطن حقه من العطاء مقابل شرف الهوية، وهذا ما يتجلى في توجهات خادم الحرمين الشريفين لكي يكون الرجل المناسب في المكان المناسب، وأن حجم العطاء والعمل والفكر هو ما يحدد مقاييس المسؤول . ولأن الأمن هو مطلب الشعوب، ومدماك قيام التنمية، والسير نحو استشرافات المستقبل فقد وضع أمانة في عقول واعية عاملة مؤمنة بضرورة توفيره كسلوك وممارسة ومظهر حياة على امتداد الفضاء الجغرافي لهذا الكيان، منذ الأمير نايف بن عبدالعزيز - رحمه الله - وحتى الأمير أحمد بن عبدالعزيز الذي قدم الكثير من التضحيات والجهود على امتداد مسؤولياته، إلى الأمير محمد بن نايف الرجل الذي تتلمذ في مدرسة والده الفكرية والعملية، وقدم إنجازات في تحصين الوطن من الإرهاب . نحتفي كثيراً بالأمير محمد بن نايف رجل منجز أمني، وفكر قادر على أن يكون منارة المرحلة ، وهو مؤهل لذلك.