ودع عبدالله يحيى السليم محافظ عنيزة منصبه الرسمي بعد أن ترك بصمة واضحة وأسلوباً إدارياً حقق كثيراً من الإنجازات والنجاحات. تجربة عبدالله السليم كمحافظ لعنيزة تجربة تستحق أن نقدمها اليوم للقراء كنموذج إداري تكيف مع البيئة التي يعمل فيها ليصل إلى الأهداف المرسومة. عندما فكرت بالكتابة عن هذا الموضوع خطر ببالي أن أشير إلى الإدارة كفن يمكن لمن يملك الموهبة والقدرة أن يمارسه بصرف النظر عن تخصصه. وتذكرت كيف استطاع الأمير سلطان بن سلمان أن ينقل مهارته كطيار وكرائد فضاء إلى أسلوب إداري فعّال يدير به مؤسسة ذات طابع مختلف. وتذكرت حياة في الإدارة للدكتور غازي القصيبي الذي ترجم شاعريته المبدعة إلى إدارة ناجحة ومتميزة ومؤثرة. الطيار (أبو عمر) هو الآخر استثمر ما درسه في علوم الطيران في عمله الإداري فاتسم أداؤه بالجدية، والدقة، والمتابعة، والمشاركة والوصول إلى الهدف انطلاقاً من رؤية واضحة. ونستطيع القول إن أبرز ما تميز به أسلوبه الإداري هو فتح باب المشاركة أمام الجميع وخاصة إشراك القطاع الخاص في مشاريع التنمية والبناء تحقيقاً لما ورد في خطط التنمية الخمسية للمملكة وتطبيقاً لمفهوم المواطنة. وفي هذا الإطار كان للمحافظ دور بارز في إنجاز الكثير من المشاريع والبرامج مثل دار المعاقين للرجال والنساء ومركز الاحتفالات، وسق الخضار، ومبنى البريد، ومبنى الهاتف، وسوق الماشية، ثم مهرجان عنيزة السنوي المتميز. (أبو عمر) حوّل مهاراته كطيار إلى فن إداري ومنظومة عمل تنطلق من رؤية واضحة وأهداف محددة وتعتمد في التنفيذ على المشاركة والمتابعة والتجديد. بالمشاركة استطاع المحافظ أن يشرك معه الأهالي في هموم عنيزة واحتياجاتها فانطلق الجميع يعملون بروح الفريق يشدهم الانتماء والحس الوطني والرغبة في إنجاز ما يخدم الصالح العام. أبدع أبوعمر في جانب العلاقات مع الآخرين واستثمرها للمصلحة العامة، واتسم نمطه الإداري بحسن التعامل كصفة بارزة في أخلاقيات هذا الرجل الذي عمل من خلال الإنسان لمصلحة الإنسان. وفي الجانب الإنساني كان للمحافظ دور داعم للجمعيات الخيرية والمؤسسات الاجتماعية. لقد استطاع (أبو عمر) أن يوجد لنفسه موقع محبة في قلوب وعقول أهالي عنيزة، وقد ارتبط بعمله وبهم برباط المحبة واستطاع أن ينتمي إلى مسؤولياته قولاً وعملاً فكانت النتيجة إنجازات تتحدث عن نفسها، ولم يكن يسعى إلى الأضواء ليتحدث عنها. كيف تمكّن هذا الطيار من النجاح في الحقل الإداري؟ إنها القيادة وهي فن تحقيق الأهداف من خلال الناس وبقناعة الناس، وإشراكهم في العملية الإدارية بكل عناصرها وجوانبها. وإذا كان الطيار بحاجة إلى قوة التحمل، واكتساب مهارة مواجهة الصعوبات والتحديات وخاصة غير المتوقع منها، وإذا كانت قيادة الطائرة لا تتم بنجاح بدون عمل الفريق، والمشاركة، والمتابعة، والوضوح في المعلومات، والدقة، فإن عمل الإداري لا يتم بدون تلك المهارات. وقد وفق (أبو عمر) لأن يقود عمله نحو الأهداف المطلوبة مثلما كان يقود الطائرة، وعندما تتحقق الأهداف فإن هذا هو معيار النجاح. [email protected]