أشعلت نفرة مواكب الحجيج المغادرة مكةالمكرمة والمشاعر المقدسة باتجاه مدن المملكة ودول الخليج والدول العربية بعد انقضاء موسم الحج محطات الوقود على الطرق السريعة ورفعت عائداتها بشكل واضح، حيث وقفت "الرياض" على محطات مكتظة بأرتال المركبات وجموع الحجاج الذين رفعوا مبيعات المحلات التجارية والمطاعم ضمن الفصل الأخير من اقتصاديات الموسم. وبدأت محطات الوقود تعيش الجولة الثانية من موسم يعتبر من أهم مواسمها المنتظرة أبدل هدوء أيام التشريق والوقفة ليحولها إلى حركة دائمة لا تعرف التوقف. وفي موسم يعتبر من المواسم المهمة لملاك محطات الوقود فازت المحطات الكبرى والواسعة ذات الخدمات المكتملة، فيما ظلت المحطات الصغيرة الواقعة على الطرق السريعة أشبه بمواقف تلجأ إليها سيارات وحافلات الحجاج عند الضرورة. إلى ذلك قدر متخصصون حجم العائدات المتوقعة على مدن خدمات السيارات ومحطات الوقود من رحلات عودة الحجاج براً إلى المطارات والمنافذ ومدن وبلدان الحجاج في الداخل والخارج ب90 مليون ريال، فيما يقدر عدد محطات الوقود داخل العاصمة المقدسة وعلى الطرق السريعة المنطلقة منها بحوالي 300 محطة، وانفردت الطرق السريعة المتجهة من مكةالمكرمة إلى جدة والمدينة المنورة بالنسبة الأكبر. وإذا كان من الصعب على المار الذي يريد قطع الطريق باتجاه الطريق الموازي في الأيام العادية للعودة إلى مكة أو لمساعدة قائد سيارة متعطل فمن المستحيل الآن وخلال أربعة أيام التفكير في محاولة المرور كون الكثافة المرورية لأرتال السيارات حولته إلى شبه سلسلة حديدية من الصعب قطعها فيما لم تعد محطات الوقود على هذا الطريق الشريان مجرد محطات بل حولتها حمى المنافسة إلى أشبه ما يكون بمدن لخدمات ليس للسيارات فحسب بل وحتى للسائق والراكب من خلال توفير كثير من الأنشطة التي يحتاجها المسافر بدءاً من مراكز التموين الكبرى والمخابز والمطاعم المتخصصة في تقديم أصناف الأطعمة مثل الأسماك والمندي وحتى المطاعم الباكستانية التي تحرص على كسب مرور سائقي الشاحنات وسيارات النقل الثقيل. ولا أدل على تصوير حدة التنافس بين هذه المحطات من أنها اتجهت إلى استثمار الفضاءات المحيطة بها إما عن طريق دعوة المستثمرين أو عن طريقها لإنشاء المطاعم العائلية ومطاعم الوجبات السريعة وأكشاك تقديم القهوة السريعة والتمور وألعاب الأطفال والهدايا وكبائن الهاتف وقطع غيار السيارات وأدوات زينتها، بل إن بعض هذه المحطات اتجهت لإنشاء الصيدليات. في الاتجاه ذاته يؤكد مراقبون أن الحاجة ملحة لاحتواء المحطات التي تلفظ أنفاسها الأخيرة بدخول مطورين لتجديدها ودعمها بمرافق خدمية مساندة بدلاً من وقوعها في دائرة الإهمال مطالبين الغرف التجارية بسن آلية لتطوير تلك المواقع بما يحقق تنمية هذه المحطات وتخفيف الزحام على المحطات المكتظة وخلق فرص للتنافس. وقال ياسين قويز مشرف على إحدى محطات الوقود "لم تعد محطة الوقود مجرد محطة لبيع البنزين والديزل، بل أصبحت هذه الخدمة أشبه ما تكون بصناعة تتجاوز كل الحدود لتصل إلى توفير أهم احتياجات قائد السيارة وحتى الراكب"، مشيراً إلى أن ثمة معايير أخرى تحدد عائدات المحطة منها وقوعها على الطريق الرئيسي أو على مدخل طريق الخدمة مع سهولة الوصول إليها ونظافة دورات المياه الملحقة بالمسجد وتوفر مصلى للنساء، وجودة أجهزة التكييف والتهوية ووجود مواقف للسيارات، إضافة إلى تكامل محلات خدمات السيارات من إصلاح المكابح والميكانيكا إلى الكهرباء وسيارات سحب السيارات المتعطلة. وإذا كان هذا هو واقع محطات الوقود هذه الأيام فإن المدن الصناعية بما فيها ورش السيارات ومحلات قطع غيار السيارات قد دخلت دائرة اقتسام الكعكة وخاصة في شارع الحج والشهداء والعزيزية.