تنقل لنا وسائل الإعلام أنباء عن أعداد كبيرة من السعوديين الذين يقضون إجازة العيد خارج المملكة ولعل آخرها خبر المليون سعودي في دبي!! والحقيقة أنني أعجب أشد العجب أن يقضي الإنسان العيد باختياره بعيداً عن الأهل والأحباب والأصحاب، ربما لأني لا أرى للعيد قيمة بدون الاجتماع العائلي والالتفاف الأسري والاحتفال الجمعي سواء في عيد الفطر أو عيد الأضحى ، بل إني أتألم أشد الألم لمن تجبره ظروف العمل من أقاربي على قضاء العيد داخل المملكة في مدينة أخرى بعيداً عن أهله فما بال أولئك؟! أيشعرون بفرحة العيد بعيداً عن الأحباب ، فمن الطبيعي أن لا يكتمل العيد إذا غاب عنه من نحب كما قال سعود بن بندر: أقول في نفسي وأنا أعايد الناس متى أشوفك تكمل أفراح عيدي والحقيقة أن السفر للخارج أصبح من المظاهر الجوفاء والبريستيج الاجتماعي ضمن منظومة ثقافية تدعم التباعد الاجتماعي المباشر حتى في تلك المناسبات التي لم يكن المجتمع السعودي بصفة عامة يفرط فيها لغايات اجتماعية نبيلة تبعث على التقارب والالتحام واللقاءات الأسرية، فمنذ سنوات استخدمنا التقنية وسيلة للتواصل الاجتماعي بدلاً من الاتصال المباشر فبعد أن كنت تصل قريبك أو صديقك في بيته لغرض المعايدة أصبحت تعايده بالاتصال الهاتفي ثم برسالة الجوال والآن عبر التويتر والواتس أب والإيميل وغير من وسائل التواصل الحديثة، ولكن تبقى جميع التواصل باردة برودة الجليد بالمقارنة مع اللقاءات المباشرة والتعابير الحية وإن كنت أرى أن لها وجهاً جميلاً آخر في سبيل التواصل الاجتماعي المفقود أحياناً. هل عدمنا في هذا الزمان التفاعل الوجداني مع بخوت وحكاية (عيدوا بي فالخلا والفريق معيدين) في داخل المملكة، ليأتي التفاعل مع العيد تأكيداً لقول النصافي (يا علي خل العيد لأم الدناديش) ولكن خارج المملكة؟! فالعيد بعيداً عن الأقارب والأحباب داخل الحدود ليس له طعم ولا لون ولا رائحة فما بالك إذا كان خارج الحدود؟! وأخيراً قال الشاعر محمد الديري العتيبي الذي كان يعمل في جيزان وأقبل عيد الفطر وكانت أمنيته أن يقضيه مع أهله في الدوادمي: باكر ليا جاء العيد وديارك بعيد مع من تعيّد يا غريبٍ بجيزان مع من تقول العيد مبروك وسعيد وتزاور اللي زارك اليوم فرحان عيدٍ بدارٍ غير دارك ما هو عيد وإلا صيام صيام في كل الأوطان وشوفك لأهلك يجدد العمر تجديد هم يفرحون بشوفتك وأنت طربان