للعيد مذاق خاص ونكهة متميزة يستشعرها (أو يتذوقها) كل مُسلم أنعم الله عليه بإتمام صيام شهر رمضان المبارك وقيامه، ولا تقتصر فرحة العيد والسرور بقدومه على سن معينة أو على فئة اجتماعية من دون أخرى، فالمسلمون كباراً وصغاراً فقراء وأغنياء يجمعهم في مثل هذه الأيام إحساس واحد وهو إحساس السعادة والابتهاج، ومع أن أيام العيد المعدودة فرصة مُناسبة للتعبير عن الفرح والتواصل مع الأقارب والأحباب إلا أن فرحة العيد لا تتهيأ للجميع، إذ يبقى هناك من توقعه الظروف في مكان يعزله عن أجواء العيد المبهجة. وسأتجاوز عن القصائد الكثيرة التي يُعبر فيها الشعراء عن مظاهر الفرح بالعيد لأُشير إلى بعض القصائد التي تميزت بنقل تجارب أصحابها مع العيد بشكل مُختلف؛ فمن الشعراء الذين عزلتهم ظروفهم عن الاحتفال بالعيد الشاعر الكبير صقر النصافي رحمه الله، فقد أجبرته ظروف طلب الرزق على قضاء أحد الأعياد في وسط البحر مُشاركاً في رحلة (غوص)، فخاطب ابن عمه (خليفة) معبراً عن حزنه ومصوراً المفارقة التي يعيشها الناس في يوم العيد: العيد هذا عيدهم يا خليفه اللي نهار العيد يسعون بالكيف وألا أنت عيدك بالدروب الكليفه نهار عيد الله تغوص الخواليف أحدٍ يعيّد بالهدوم النظيفه وأحدٍ نهار العيد لبسه تكاسيف ياليتني ما أفخت جالي الرهيفه والرزق عند الله وما من تحاسيف يا كثر دمع العين يذرف ذريفه ذريف سيلٍ صدرته الشغاريف وتجربة الاغتراب عن الوطن قد يكون لها أيضاً أثر كبير في إبعاد الإنسان عن أجواء العيد وأفراحه، وقد عايش هذه التجربة الشاعر الكبير شقير الجذع العتيبي، الذي أتى عليه العيد وهو في مُغترب في الهند، فكتب قصيدة طويلة يُعبر فيها عن حنينه لأرض الوطن، ويرى بأن العيد لا يكون عيداً إلا في (نجد) وبقرب الأهل والأحباب: العيد ياللي ترفع الصوت بالعيد عانه بنجد الله علينا يعيده عيدٍ مع الربع الحشاما الصناديد وذبح الضحايا والهدوم الجديده ما هوب عيد مغيرين التقاليد عبّادة الأصنام فوق الجريده مبروك عيد المملكة عيد تأكيد الأوله كلمه والأخرى قصيده دار الشهامه والشرف والأجاويد اللي بها سنة محمد جديده ويغبط الشاعر المبدع ناصر بن زبار السبيعي رحمه الله في الأبيات التالية التي قالها من وراء القضبان في السجن كل إنسان يتمتع بالحرية، ويُتاح له الالتقاء مع أحبابه ومشاركتهم أفراح العيد، خلافاً لما هو عليه في ذلك العيد الحزين: لا واهني اللي مع العيد عيّد ما غاب عن عينه خليلٍ يوده ما هوب يا سلطان مثلي مقيّد دونه خفيرٍ من ورى الباب رده من عقب عز النفس قام يتسيّد عريب ما طقوا بخاله وجده ختاماً نسأل الله العلي القدير أن لا يعيش أي منا مثل هذه التجارب المؤلمة، وأن يعود علينا العيد بالأفراح والمسرات، وأن لا يأتي علينا العيد إلا ومن نُحب من الأهل والأحباب وجميع المسلمين بخير وعافية.