تتهيأ مخيمات الحج من قبل مؤسسات الطوافة وحملات حجاج الداخل قبل يوم التروية بعشرين يوماً، ولكن ثمة حجاج يجهزون خيامهم المتواضعة أعلى قمم الجبال في الوقت نفسه، مصرين على تحمل وعثاء صعود المواقع الجبلية في «عرفات» و»غار ثور» و»جبل النور»؛ مما يعرضهم للخطر.. صور قاتمة ترصد لحجاج يشغلون الجهات الأمنية ويربكون الطرق والممرات للوصولاً إلى الجبال الشاهقة. أسعار خيالية وبيّن «أسعد نادر» أنّ ارتفاع كلفة الحج قادته إلى عدم التسجيل لدى حملة حج، مضيفاً: «صدمت بأنّ سعر الحملات يتراوح ما بين (7000) إلى (9000) ريال، وأنا لا أستطيع أن أوفر هذا المبلغ، أيضاًَ لدي زوجة وأولاد يرغبون في أداء حج الفريضة، ولو كنت أملك كل ذلك لدفعته في أداء العبادة، لكني لا أملك».وذكر «عبد القدوس نور» أنّ حملات الحج لحجاج الداخل تتسابق لتقديم الخدمات؛ مما انعكس سلباً على أسعار الحملات فلم يعد بإمكان الحاج العامل البسيط أداء حج الفريضة، بل إنّ هناك مواطنين يرفضون التسجيل بتلك الأسعار الباهظة، متسائلاً: «لماذا لا تفكر وزارة الحج في تخصيص شركات توفر السكن ودورة المياه فقط؟، بدلاً من البوفيهات والخيام الفاخرة»، مؤكداً على أنّ هذه الخطوة ستساهم في امتصاص حجاج الجبال والإفتراش. الإرشاد السياحي وأوضح «فهد عرقسوس» -مدير شركة سعودية في الإرشاد السياحي- أنّ لجوء الحجاج إلى الجبال سواءً في المشاعر المقدسة؛ ناتج طبيعي لجفاف منابع التوجيه والإرشاد، وغياب الإرشاد السياحي المحترف والمؤثر، وقصور مساحات التوجيه لدى بعض بعثات الحج، وندرة الوسيلة الإعلامية المهنية المؤثرة الذي تواجه الحاج بالإعلام، مضيفاً: «أعتقد أنّ حل مشكلة لجوء الحجاج إلى قمم الجبال بحاجة أولاً إلى دراسة حديثة تستشرف واقع المشكلة وتغوص في آراء الفئة المستهدفة، وتستطلع آراء المختصين في الدفاع المدني والجهات الأخرى ذات العلاقة؛ كي تتضح الرؤية الخاصة بالعلاج».وأضاف أنّ وجود الحافلات السياحية المؤهلة والمزودة بمرشدين مؤهلين يدعمهم مترجمون يبينون خطر وآثار صعود الجبال، ويعرفون الحاج بالرؤية الشرعية الصحيحة التي تؤكد على عدم وجود أفضلية للصعود لقمم الجبال، وإشاعة هذه الثقافة ستكون سياجا واقيا يساهم في انحسار مساحة المشكلة.وأشار إلى أن حجم الحجاج الذين يقصدون جبال مكة للزيارة بما بين(850-950) حافلة تخرج يومياً في جولات تقصد جبال مكةالمكرمة؛ مما يستوجب دخول الشركات المخصصة في مجال الإرشاد السياحي كي تشرف على مهمة التوجيه، ومواجهة التجاوزات بتخصيص شاشات داخل تلك الحافلات لعرض المواد الإعلامية الهادفة بلغات الحجاج. مخالفات متنوعة وقال الشيخ «عبد الله الفهيد» -مدير المركز التوجيهي للرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بعرفات- إنّ هناك فِرقاً تعمل على توعية الزوار على جبل عرفة؛ للتحذير ومنع المخالفات العقدية مع توزيع إصدارات الرئاسة من كتب، ومطويات، وأشرطة، وأقراص مدمجة بعدة لغات، مشيراً إلى تنوع المخالفات التي تقع عند الجبل منها ما يمس العقيدة، وقد تم وضع لوحات كبيرة بعدة لغات مترجمة لتوعية ضيوف الرحمن وتحذيرهم من خطورة ما قد يقع من البعض من مخالفات شرعية عند صعودهم للجبل، مبيناً أنّ هناك تقبلا كبيرا من الذين يحاولون الصعود لهذا الجبل. تنمية الوعي وكشف اللواء «جميل أربعين» -مدير الدفاع المدني بمنطقة مكةالمكرمة- أنّه أشرف على أكثر من حالة وفاة واحتجاز وسقوط في جبلي «ثور» و»حراء»، مؤكداً على أن الحاجة تبدو ملحة لرفع مستوى التوعية بين أوساط الحجيج، خاصةً الذين عُرفوا بكثرة الصعود إلى غار «حراء» و»ثور»، وبيان أنّه لا فضل ولا أساس لأن تكون زيارة المخاوف لهذه الجبال من أركان فريضة الحج، مبيناً أنّ الدور يكون مهماً على مؤسسات الطوافة وحملات وبعثات الحج بأن تعالج هذه الظاهرة المزمنة بأساليب إعلامية مصورة وميسرة تحقق الهدف. تعريض النفس للمهاك وقال «د.أحمد البناني» -أستاذ في كلية الدعوة وأصول الدين بجامعة أم القرى- أنّ صعود جبلي «ثور» و «حراء» نوع من أنواع التعرض للتهلكة، وقد نهى الله -عز وجل- المسلمين من أن يلقوا بأيديهم إلى التهلكة، وأمرهم أن لا يعرضوا أنفسهم إلى كل ما من شأنه أن يلحق الضرر بهم، مبيناً أنّ فريضة الحج لا تقتضي زيارة هذه المواقع، حيث إنّ الأيات الكريمة والأحاديث الصحيحة من السنة المطهرة وضحت وبيّنت أركان وواجبات وشروط فريضة الحج. حجاج يعرضون أنفسهم للخطر أثناء تسلق أحد الجبال تساقط الصخور يهدد حياة الحجاج