قال مصدر عسكري في لبنان أمس إن أربعة أشخاص قتلوا وأصيب 15 في اشتباكات بالأسلحة النارية شهدتها مدينة طرابلس اللبنانية الليلة قبل الماضية في ثاني ليلة من القتال بين مسلحين سنة وعلويين يؤيدون طرفي الصراع في الحرب الدائرة في سوريا. وفي العاصمة بيروت خفت حدة التوترات بعد أن انتشرت القوات في أنحاء المدينة لإخلاء الشوارع من المسلحين الذين اشتبكوا ليل الأحد. وتصاعد العنف بعد اغتيال اللواء وسام الحسن رئيس فرع المعلومات في قوات الأمن الداخلي بلبنان والمعارض للقيادة السورية في هجوم في وسط بيروت يوم الجمعة. وأشعل الهجوم أزمة سياسية مع مطالبة المعارضة باستقالة حكومة رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي الموالية في أغلبها لدمشق. ودار القتال في طرابلس بين حي باب التبانة وهو معقل للسنة وحي جبل محسن الذي يسكنه العلويون. وقال مصدر عسكري طبي إن ثلاثة من السنة وعلويا واحدا قتلوا وأصيب 15 آخرون. وقال سكان إن المقاتلين تبادلوا إطلاق نيران الأسلحة الآلية والقذائف الصاروخية. وكان وسط طرابلس مزدحما صباح أمس وكانت حركة المرور سلسة. وانتشر جنود من الجيش اللبناني على متن مدرعات تعتليها مدافع آلية. لكن المتاجر القريبة من المناطق التي شهدت قتالا أغلقت أبوابها. ويؤيد السنة مقاتلي المعارضة السورية الذين يسعون للإطاحة بالرئيس بشار الأسد في حين يدعم العلويون الأسد الذي يسانده أيضا حزب الله اللبناني المشارك في الائتلاف الحكومي كما يؤيده شيعة آخرون وعلويون. وأدى العنف في طرابلس التي عانت موجات سابقة من القتال منذ اندلاع الصراع في سوريا قبل 19 شهرا إلى ارتفاع عدد القتلى إلى عشرة على الأقل إلى جانب 65 مصابا منذ يوم الجمعة. ويخشى الكثير من اللبنانيين أن تعيد الحرب في سوريا بلادهم إلى الحرب الأهلية التي شهدتها في القرن الماضي مما يقوض جهودهم لإعادة بناء البلاد بوصفها مركزا للتجارة والمال والسياحة. بينما يتهم ساسة معارضون سوريا بأنها وراء قتل اللواء الحسن الذي كان يعمل على الحد من النفوذ السوري في لبنان. ويريد حزب الله الشيعي اللبناني الحفاظ على حكومة الرئيس نجيب ميقاتي التي يتمتع فيها بالغالبية، ليمنع اعادة طرح مسألة ترسانته العسكرية او انكشافه من قبل الدولة في حال وقوع مواجهة مع اسرائيل، بحسب عدد من المحللين. وفي حين تبدي المعارضة اللبنانية تصميمها على اسقاط الحكومة، مصوبة في شكل خاص على رئيس الوزراء الذي تتهمه بتغطية "الجريمة" بعد مقتل رئيس جهاز امني سني معارض لسوريا، يبقى حزب الله بزعامة امينه العام حسن نصر على صمته في انتظار انتهاء العاصفة. وتولت قناة "المنار" التلفزيونية التابعة له تغطية الاحداث التي جرت في لبنان في اليوم نفسه، متحدثة عن قيام "انصار حزب المستقبل" الذي يتزعمه رئيس الوزراء السابق سعد الحريري "بتقطيع اوصال المناطق اللبنانية والاعتداء على المدنيين الآمنين". وبحسب المحللة السياسية امل سعد غريب، يتبع حزب الله "استراتيجية صمت مقصودة الى حين عودة الوضع الى هدوئه، ولن يرد على الاتهامات الموجهة اليه لانه غير راغب في تغيير الحكومة". واوضحت انه مع اي حكومة جديدة "تشكلها المعارضة (قوى 14 آذار) او تكون حكومة وحدة وطنية، سيصبح موقفه اصعب لا سيما لجهة المطالبة الصريحة لهذه القوى بسحب سلاحه، او لجهة المحكمة الدولية الخاصة بلبنان" والمكلفة ملف اغتيال الرئيس السابق للحكومة رفيق الحريري في 14 فبراير 2005. وسبق لهذه المحكمة ان وجهت الاتهام الى اربعة افراد في الحزب بالمشاركة في اغتيال الحريري. ويمتلك الحزب ترسانة عسكرية ضخمة يقول انها مخصصة لمقاومة اسرائيل، في حين يتهمه خصومه بالافادة من هذا السلاح كوسيلة ضغط في الحياة السياسية الداخلية. وفي حال تغيير تركيبة الحكومة "قد يصبح لسوريا مشاكل مع لبنان كدولة، مثل ما هو الحال مع تركيا"، بحسب امل سعد غريب مؤلفة كتاب "حزب الله: سياسات ودين". لكن حزب الله يريد ايضا الحفاظ على الحكومة التي يتمتع وحلفاؤه فيها بغالبية 18 وزيرا من 30، لانه يرغب في الحصول على غطاء من الدولة اللبنانية في حال النزاع مع اسرائيل، بحسب وضاح شرارة احد الخبراء في شؤون الحزب. وقال جنبلاط في موقفه الاسبوعي لصحيفة "الانباء" الناطقة باسم الحزب التقدمي الاشتراكي الذي يتزعمه "إن التحامل على الحكومة وربط كل المواقف المستقبلية بالاستقالة المسبقة للحكومة من شأنه أن يعرض البلاد للاهتزاز والسقوط مجدداً في الفخ الذي يريده النظام السوري وهو إدخال لبنان في الفراغ".