المثل الشعبي يقول: ( الطويلة تقضي حاجتها والقصيرة تنادي جارتها) ومع أنه مثل اختص بالنساء لمدح مزايا الطويلات منهن، إلا أنه في واقعه ينطبق على الجميع. وبمعنى ادق ينطبق على جميع السعوديين. فمن كانت قامته قصيرة حسب مفهوم المجتمع وما اعتاده لا يحق له أن يرتقي سلماً ليقضي حاجته بنفسه، بل الأولى به أن ينادي من هو أطول منه ليصل للحاجة التي هو يريدها ويضعها في يده! قصيرو القامة من السعوديين تربوا على هذه العادة وغريزتهم السعودية وما تغذت عليه من تجارب سابقة او قصص عن أناس أخر زادتهم قناعة بذلك. فطوال القامة يصلون لكل شيء يريدونه، وبدون قامتهم الطويلة لايستطيع غيرهم الوصول لما وصلوا هم إليه. ففي كل حاجة أو مكان يرى السعودي نفسه فيها قزماً، لابد وان يبحث له عن طويل قامة ليوصله لما يسعى إليه. مذهب اعتنقه السعوديون منذ زمن وآمنوا به! له أسماء مختلفة مأدبة وصحية وأخرى فجة يستعملها القصيرون والطويلون على حد سواء، ليصفوا هذه العلاقة الحساسة بين القصير والطويل، تحرجاً من التنبيه لعامل الطول والقدرة على الوصول! فمنهم من يسميها شفاعة ليسبغ عليها طابعاً دينياً ودوداً. والواقعيون يسمونها واسطة، اما المتأنقون فيسمونها فيتامين (و) في حين يسميها اليائسون الفجون (شحاذة)! وبالرغم من كل ما يقال عن التصحيح الاداري ومكافحة الفساد وغيرها من الشعارات الطنانة التي مهما كبر حجمها يظل ثقلها واحداً. لا يزال قصار القامة من السعوديين عاجزين في معظم الأحوال عن الوصول لحاجتهم بدون سؤال من هو أطول منهم ليجلب لهم أو يقضي عنهم هذه الحاجة. فلا طلوع السلالم ولا العتبات أو الكراسي والطاولات ولا حتى القدور المكفية بقادر على تيسير مهمة من صعب عليه الوصول لما هو ساع وراءه. لأن العرف السائد هنا، أن الطوال قادرون والقصار مهما احتالوا وتحايلوا على قصرهم فلا سبيل لهم للوصول بدون من هو أطول منهم. ومن قال: إن الطول عز فقد صدق حتى وإن شكك في صدقه (المغتاظون).