(1) في كل صبحٍ تُنحرُ الساعاتُ إرضاءً لأربابِ العملْ! (2) أتجرع الشاي المعطر زنجبيلاً لا على شرفات نهرٍ، تحت أسوار الحدائقِ مستظلاً فىءَ نخلٍ بل على كرسي اعترافٍ من مللْ (3) متسللاً، يحبو على بابي مديري الألمعيُّ مُسائلاً عن شغل أمسِ (أتى ليرأسنا بدون شهادةٍ إلا قرابته لخالةِ مالكِ الشركاتِ) يأمرني بحمل الكون فوق ضلوع ظهري ثم يرجع بعد لحظاتٍ ليلسعني بسوطٍ مُشعلاً نار الحماسةِ فيّ يغمزُ لي بأن أعدو كخيلٍ في سباقٍ ثم في أجزاءِ ثانيةٍ أُحلِّقُ دون أجنحةٍ وأهبطُ في زُحَلْ! (4) في يومِ نحسٍ وسوس الشيطانُ في قلبي وأغواني بأن أُدلي بأفكاري وأن أُهدي لأسيادي النصائحَ قاصداً مرضاتَهُم لكنهم لما انتهى العامُ الطويلُ المرُّ أعطوا الطيبين من الرقيق الطائعينَ، السامعينَ لكلْمةِ الأسيادِ –تكريماً- خزائنَ من (هَلَلْ)! أما الكسالى (الناصحينَ) فنالَهم حِملٌ يزيدُ جبال شُغلهمُ جبلْ! (5) لما يزور الصيفُ هذا العامَ سوف يحين وقت العتق شهراً أستطيع النوم فيه ثماني ساعاتٍ صحاحٍ دون ضبط منبهي من دون شرب كؤوس شايٍ فوق خازوق المكاتبِ دون آلامٍ ترضُّ عمودي الفقريَّ تزرع في شبابي شائباً يشكو العِلَلْ ولربما أنفقت كل رواتبي في بقعةٍ قصوى بعيداً عن خيال مديري المسعورِ -لا إرسال جوالٍ بها- أو في بلاد الواقِ واقِ أتوهُ وحدي في سفاري غابةٍ أو بين أحراش الدَغَلْ (6) هيَ ساعةٌ تمضي وأخرى خلفها وتليهمُ آلافُ ساعاتٍ تذوبُ من الزمانِ فحين ألمحُ ظل وجهي فوق شاشةِ حاسبي الأثريِّ أبصر شعر رأسي أبيضاً كحقولِ قطنٍ شاحباتٍ من غبارِ مكاتبِ المدراءِ راح العمرُ كي أثري ثرياً لا لأصبح مثلهُ، لكن لأحيا مفلساً! يا ربِّ أنت مخلصٌ لرقاب خلقك من عذابِ النار أعتقني من الرقِّ الجديدِ ولو ليومٍ واحدٍ كي أشرب الشاي المعطر زنجبيلاً عند نهرٍ، رافعاً ساقاً على ساقٍ أهز صغار أحلامي بأُرجوحاتِ نخلٍ في ظُلَلْ (7) أثناء مشواري إلى عملي يطاردني سؤالٌ حائرٌ: أعمارُنا هدراً تُراق لأجل من كالماء في حُفَرِ السواقي؟ هل يحوز العزم –بُهتاناً- سماسرةُ النخاسةِ راقدينَ على تلالٍ من ملايينٍ وتحفى من ورائهمُ النَعَلْ؟ لكنَّ أجيالاً ستعبرُ دربَنا فلنزرع الحرية الشماء في غدهم لكي تنمو نجوماً فوق أغصانِ الأملْ