العلاقات بين الذل والكرامة    القيادة تعزي أمير الكويت والرئيس الألماني    إعادة الأموال المنهوبة تجنب المخالفين الملاحقة    توقيع مذكرة تفاهم «الجسر السعودي-الألماني للهيدروجين الأخضر» بين «أكواباور» و«سيفي»    الذكاء الإصطناعي وإدارة العمليات الطريق إلى كفاءة مؤسسية ناجحة    جولة للامتياز التجاري ب" تبوك الورد"    التحليق في عالم متجدد    ترمب يفرض رسوماً جمركية على كندا والمكسيك والصين    مؤتمر سعودي يثري الحوار العالمي    مواقف تاريخية للسعودية لإعادة سورية لمحيطها العربي    رصاص الاحتلال يقتل المسنين وعشرات يقتحمون الأقصى    أوكرانيا وروسيا تتبادلان الاتهامات بشأن قصف مدنيين    سورية المستقرة    المبعوث الأميركي: نؤيد انتخابات أوكرانية بعد "وقف النار"    «أونروا» تحذر من عواقب «قانوني الاحتلال» وتؤكد استمرار خدماتها    النصر يتحدّى الوصل والأهلي في مهمة عبور «السد»    ولي العهد والرئيس الشرع يبحثان مستجدات الأحداث وسبل دعم أمن واستقرار سورية    في الجولة ال 20 من دوري" يلو".. الصفا يستقبل العدالة.. والبكيرية يواجه الجبلين    الأهلي يعير «ماكسيمان» لنابولي الإيطالي    الساحر «لوكا» إلى نادي الأساطير.. الصفقة العظمى المحيّرة!    وعد من أوناي هرنانديز لجماهير الإتحاد    أمانة جدة تشرع في إشعار أصحاب المباني الآيلة للسقوط بحيي الفيصلية والربوة    6 مذكرات تعاون لتطوير الخدمات الصحية بالمدينة المنورة    محافظ جدة يطلع على خطط المرور والدفاع المدني    الانحراف المفاجئ يتصدّر مسببات حوادث المرور في الرياض    كلنا نعيش بستر الله    التعاقدات.. تعرف إيه عن المنطق؟    من أسرار الجريش    تحت رعاية خادم الحرمين.. جائزة الأميرة صيتة تكرم الفائزين بدورتها الثانية عشرة    انطلاق ملتقى قراءة النص في أدبي جدة    إن اردت السلام فتجنب هؤلاء    «عاصفة الفئران» تجتاح 11 مدينة حول العالم    ..وتجمع جازان الصحي يتميز في مبادرة المواساة    طريقة عمل ارز بالكاري الاصفر والخضروات وقطع الدجاج    الرياضة المجتمعية.. جزءٌ لا يتجزأ من رؤية السعودية 2030    شرطة الرياض تقبض على مقيم لمخالفته نظام مكافحة جرائم الاتجار بالأشخاص    سلمان بن سلطان يرعى حفل تدشين قاعة المؤتمرات الكبرى ب«غرفة المدينة»    مكالمة إيقاظ صينية عنيفة !    على هوامش القول.. ومهرجان الدرعية للرواية    هيئة الترفيه.. فن صناعة الجمال    محمد عبده.. تغريدة الفن....!    سمو محافظ حفر الباطن يدشن مؤتمر حفر الباطن الدولي الصحة الريفية في نسخته الثانية    التقنية ونمو القطاع العقاري !    كاد «ترمب» أن يكون..!    3 أهداف تتنافس على الأجمل في الجولة ال18 من مسابقة دوري روشن للمحترفين    أمير جازان يلتقي مشايخ وأهالي محافظة العيدابي    نائب أمير منطقة مكة يستقبل سفير جمهورية السودان لدى المملكة    القيادة تعزي رئيس ألمانيا في وفاة الرئيس الأسبق هورست كولر    36 مزاداً لبيع 334 عقاراً في 12 منطقة    أمير الشرقية يدشن النسخة الثامنة من جائزة السائق المثالي    أمير تبوك يواسي أسرتي الطويان والصالح    مختص : متلازمة الرجل اللطيف عندما تصبح اللطافة عبئًا    ذكور وإناث مكة الأكثر طلبا لزيارة الأبناء    الأسرة في القرآن    خيط تنظيف الأسنان يحمي القلب    تفسير الأحلام والمبشرات    حزين من الشتا    ممثل رئيس الإمارات يقدم واجب العزاء في وفاة الأمير محمد بن فهد بن عبدالعزيز    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عزلاء كتنهيدة
نشر في الرياض يوم 18 - 10 - 2012

نساء مجلوّات بالوله، مستحمات برذاذ الحب، بنات شغوفات، محبوبات ينزّ الغرام من مسامهن بدل الماء والعرق والبخار. والرجال، أيضا في هذا الديوان للأردنية زليخة أبو ريشة "أزرق تشطره نحلة" مخصب بهم. يتجولون بين الاستيهامات العجولة والتخيلات المشوشة، والولع الذي لم يضبط على المقاس. ولكن مقاس من ضُبط عليه هذا المدلل القاتل؟ أظن لا أحد. منذ زمن طويل لم أقرأ مثل هذا الفوحان الغرامي الحر والباسل وفي ديوان واحد وصلني كمخطوطة لم تنشر بعد لشاعرة تليق بها النعوت والألقاب. تصورتها مقطوعة الأنفاس بالهوى وهي تعيش وتتنفس بهذا الهوى طوال سنين عمرها الجميل والثري. لم تساورها الظنون به قط، وهذا ربما سر مناعتها وبشاشتها وشعاعها، فالحب في جميع تحولاته ومسمياته كما في العيش في كنفه وكفافه، أو البحث عنه، أو الموت بسببه هو هو يجعلنا أيضاً في حالة من صيرورات متوالية، ولا يجوز المغادرة من أرضه، ولن نفلت منه. إننا في قبضته نحث الخطى لكي يكون هدفاً لذاته فلا يؤجل إلى الغد: ""ارحميني يا زليخا
من تاريخك الذي أنجبني
وتاريخك الذي سيطردني من الكلام
فمن قبلك لم يرحمني يوسف
ولا العزيز"".
-2-
يرتج فؤاد الشاعرة فيندفع الشغف من القلب إلى الرئتين فتشهق وتزفر به فلا تتسامح بأي نوع من التضحية باستحقاقاتها وحظوتها به وله. أردد الله يا رب العالمين وأقرأ المفردات والصياغات ذات الأبهة ما بين التلاقح الفريد بين أرثها للشعر العربي العظيم وثقافتها المميزة للحداثة ولقصيدة أود أن أطلق عليها - قصيدة - شهية الحب - :"" أميل.. أميل
كثيراً،
حتى أوشك
أن
..أنكسر ""
أعرف أن لدى زليخة أبو ريشة المواد والذخائر والقدرات للقيام بحملة عسكرية وتمشيط الجوف والأحشاء الداخلية التي لم تتندَّ بثمار الحب. فنراها في كل مقطع، وهذا نادر أيضاً، تقيم أودها وتتمثل قدرته ومتطلبات الجوع للحب. شاعرة لن تمر على وجبات الثكنة أو مخابز الفقراء فقط، هي تحضِّر وليمة للذين عضهم الحرمان والقحط للغرام، مثلنا جميعاً: "" أغفر له المزاج
أغفر له التطوُّحَ
العجلةَ
الاحتيالَ
التقلُّب
"" ولا أغفر له كل ذاك الجمال ""
على سبيل المثال كنت أحب أن أضع جميع مقاطع قصيدة ""حامل أختام الملكة"" كاملة فهي لؤلؤة.
-3-
في الديوان مروحة شاسعة من كتاب العاشقة المفتونة بالوطن بالانتماء، بالتجريب المرتبط بالمعرفة والدنيا. بوضع النقاط... هكذا كما في مراتب الفراغ الذي يشي بالامتلاء، ما بين افتتاحية الكلام بالولع والختام بالمرارة. للولد المهاجر كابني، كالأبناء في العموم الذين نتلقف خطواتهم أما عن طريق الصوت أو الصورة، فتكتب لوليدها غيث: "" كيف تباغته العلّة
سأظل أنتظر رونقه
وأطفاله
حتى آخر أمٍّ
على البسيطة ""
-4-
أزعم أن هذه الشاعرة جعلت كل طبقة من طبقات الغرام نظاماً غذائياً؛ الشراهة له تمتلأ بالوجع الطوعي الذي ينمِّلُ الكبد، والتواري عنه يأخذ إلى العدم: "" عساه لم يكتمل
ذاك الذي ورد، ونهل، وارتوى
ثم سلا
وتسلّى
وتعلى
.. وغاب.. ""
سيزعل الرجال من طبعها الحامي والحنون أيضاً وهي تلحقهم بمجموعات ما بين هواية الصيد، وموهبة الانفصام، أو خصلة الخيانة والتسلية.. و.. زليخة واحدة من رائدات برامج ما أود أن نطلق عليه - بالمزاج الأنثوي الحاد، اشتغلت على موضوعة المرأة في القوانين الشخصية والأفكار التحريرية ضداً للاستلابات المستديمة للمرأة على الخصوص في كتابها المهم ""أنثى اللغة"" وهي أوراق في الخطاب والجنس حضر بعد كتابها المشرق أيضا: ""في اللغة الغائبة"" مجموعة من محاضرات ونصوص كتبت ما بين بريطانيا حيث كانت تحضِّرُ دراساتها العليا في مدينة إكستر وبين عمان. فكتبت وعرفَت عن منظومة من المفاهيم التي تسيج الجنسين سوياً، وبين نظريات حداثية جداً قد تشعر المرأة إزاءها بشيءٍ من النفور في التطبيقات الخ:
""لا يفاخر إلا بأمجاد
فحولته
فهي بيت قصيده
الوحيد "".
-5-
عناوين دواوينها السابقة آخاذة أيضاً: " في ثناء الجميل" - الصادر عن دار أزمنة في العام 2008. وديوان : -"تراتيل الكاهنة ووصايا الريش" الصادر في العام 2000 من دمشق. وديوان " جوى " - الصادر في العام 2007 عن أمانة عمان الكبرى. والديوان الذي بين أيدينا له ذات الفولتية من نزق وفتنة العناوين فأضحك من مكر زليخة. في - مطر انتهازي - تكتب: ""عندما فتحتُ لك الباب
لتدخل
لا
ليسقط المطر في
دار سواي
""لا أقدر على نقل الكثير من المقاطع لشحنتها الانفجارية فربما تمحى، لكن هذا النوع من الكتابة يقاتل في تفهم التجاوزات الذكية والحميمية للغة، بالدفء البطيء والحقيقي الذي يقصر المسافة ما بين المستحيل والأكثر استحالة، وأعني بهما علاقة الغرام ما بين هذين الكائنيين البشريين اللذين نراهما أما في الساحات العامة يحتفلان بأعياد الوصال، أو في ساحات المحاكم بعد تحول المودة والسكينة إلى طبق بائت.
تتصاعد وتفوح روائح الاحتراق وكأن هذا هو الذي يفتح الشهية فيتضاعف بريق القصائد. صحيح أن الحواس خداعة، لكنها هنا، في هذا الديوان، الذي شعرت أن - عزلاء كتنهيدة = كعنوان أشد وقعاً وشجناً، بسبب أن الحواس ثابتة كالشمس ومتحركة مثل دوران الأرض حول المحبوب و.. الحرية: "" أنا عزلاء
وليس لي سوى أصابعي
أعزف فيها على هواء
حريتي ""


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.