موقف العراق من تفتيش الطائرة الإيرانية العابرة أجواءه إلى سوريا، جاء بضغط أمريكي، لكن بدون مراقبة منها، إذ تركت العملية للسلطات العراقية والتي لم تدون محتويات الطائرة أو حمولتها، لأن إيران أصلاً، هي التي تستطيع أن تضغط، وتبادر في لي ذراع سلطة بغداد ولذلك انتقدت الموقف العراقي، والأخير حتى لو وجد أسلحة ومعدات وحتى جنوداً إيرانيين لمساعدة سلطة الأسد فإنها مرغمة على السكوت عنها تبعاً لموقف إيراني يفرض ولا يحاسب.. الموقف المختلف إصرار تركيا على تفتيش طائرة سورية قادمة من موسكو وعابرة أجواءها ما دفعها إلى إنزال الطائرة وتفتيشها والعثور على أسلحة موردة لسوريا، ومع أن موسكو غضبت وأنكرت وجود أسلحة فقد اعترفت بوجود معدات رادار وكأنه لا يدخل في التسلح أو أنه مجرد سلعة خارج دائرة الاستخدام العسكري.. الفارق أن تركيا ترفض مبدأ الاعتداء على سيادتها، عبور طائرة لأجوائها تحمل عتاداً عسكرياً لبلد يعتدي على حدودها ويحاول رفع الأزمة إلى حالة حرب، ومسألة قانونية هذه الإجراءات من عدمها، تلغيها فرضيات التوتر على حدود البلدين.. فتركيا لديها مصالح هائلة مع روسيا، فهي تزودها بالغاز وتعبر أنابيب غازها عبر تركيا إلى أوروبا، وهناك علاقات اقتصادية تشمل العديد من المجالات، لكن هناك مبدأ السيادة الذي ربما تدرك روسيا معناه حتى لا يؤثر على مسار المصالح المشتركة، بما فيها التعاون بينهما في بناء مفاعل نووي روسي في تركيا.. سوريا صارت توسع دائرة النزاعات بين العديد من الدول، فإذا كانت إيران الداعم الأساسي وقد رمت ثقلها العسكري والمادي والسياسي وراءها، فهي لا تخفي صراعاً مع تركيا عبر سوريا، وتدرك أنها قوة إقليمية مهمة، ومسألة الخلاف المذهبي حاضرة بقوة بينهما، إلى جانب أن إيران في حالة حرب اقتصادية وسياسية مع دول حلف الأطلسي والتي تعتبر تركيا عضواً فاعلاً ومهماً فيه، وهذا يفسر أن العضوية تدخل في صلب التعاون مع أعداء إيران.. هناك لقاء مصالح استراتيجية ربطت العراق وإيرانوروسيا بما يشبه حلقة العمل في مواجهة من يتقاطعون معهم من الدول الغربية وأمريكا، وحضور سوريا في مجلس الأمن، ثم الإصرار على مواجهة من يعتبرونهم على خط النار مع سوريا، جعل المواجهة تدخل واقعاً ساخناً، فكل طرف يريد إسقاط مؤيديه في الداخل السوري وهزيمته لكن يبدو أن المعادلة صعبة ومعقدة، فرغم أن الجيش الحر لا يجد الدعم العسكري والمادي الذي يحصل عليه النظام، فتوسع الجيش الحر وتحريره عدة مناطق، وسيطرته على ما يقارب ثلث سوريا يذهب إلى أن السلطة، حتى بوصول الدعم السخي، بدأت تشعر بوطأة المعارك وأنها تسير بالاتجاه الذي يؤكد تضررها، وأن عامل الوقت الذي طالما راهنت عليه يتجه إلى معاكسة وضعها، لكن وجود قوتين إقليميتين وخلفهما قوى كبرى في الداخل السوري قد يزيد التعقيدات على النظام ويضيف مكاسب جديدة للمعارضة بجناحيها العسكري والمدني..