** بعد أن انجز فيلمي «الرسالة» و«عمر المختار».. قام المخرج العالمي المرحوم مصطفى العقاد بزيارة للمملكة.. وفي جعبته مشروع لاخراج فيلم عالمي عن ملحمة المغفور له جلالة الملك عبدالعزيز في القيادة والتأسيس.. حيث إنها الملحمة الوحيدة في العصر الحديث التي تستحق التوثيق في فيلم سينمائي عالمي يبقى خالداً في ذاكرة الأجيال عبر بناء درامي باللغتين العربية والانجليزية. وما حمله العقاد.. كان مشروعاً تجارياً بالأساس.. كحال السينما العالمية في كل انتاجها الضخم.. وهو مشروع تجاري ناجح بكل المقاييس.. حيث كان من المأمول عرضه عبر صالات السينما الأمريكية وفي مختلف أنحاء العالم اضافة إلى البلاد العربية ولا أدري بمن التقى العقاد حينها. لكن يبدو أن من التقى بهم «فجعتهم» ضخامة الميزانية التي طلب رصدها لانتاج مثل ذلك الفيلم.. وأعتقد أنها حينها لم تكن لتقل عن مئتي مليون دولار، وهذا المبلغ ليس كبيراً بمقاييس انتاج أفلام هوليود الكبيرة. وأعتقد ان الميزانية المناسبة لانتاج فيلم عالمي عن ملحمة الموحد والتوحيد يجب ألا تقل عن خمسمائة مليون دولار.. يمكن استعادة معظمها أو كلها عن طريق العرض في دور السينما، خاصة إذا ما عرفنا أن مثل هذا المبلغ بمواصفات عمل العقاد سوف يذهب إلى موقعه الصحيح.. ففي انتاجه لفيلمي الرسالة والمختار.. قام ببناء ما يشبه المدن.. وأحضر فريقاً دولياً متخصصاً في المعارك الحربية وفرقاً متخصصة للأزياء.. وأعداداً مهولة من الخيل والفرسان ومعدات خاصة بالحرب العالمية الأولى، وفريقاً من كبار الممثلين العالميين. غير أننا خسرنا العقاد في حادث مأساوي.. وكان هو الوحيد المؤهل لانتاج واخراج مثل هذا الفيلم.. لما لديه من تجربة واسعة وخبرة طويلة في عمل السينما العالمية، وان كان هذا لا ينفي حاجتنا الماسة لانتاج فيلم سينمائي عالمي عن ملحمة القائد الموحد.. ويجب أن يكون منطلقاً من نفس الرؤية والفكر الذي وضعه العقاد في التعامل مع المادة التوثيقية والكادر الذي يجب أن تسند إليه الأدوار من اسماء عالمية لديها قبول وجماهيرية كفيلة بدفع المشاهد الأمريكي والغربي عموماً للذهاب لصالات السينما. وإذا كان مثل هذا العمل في السابق كان يمكن أن يكون له ردود فعل سلبية في اطار ما كان يسمى ب «الثورية العربية».. فأنا اعتقد أن الدروس والأحداث التي توالت منذ أن قدم العقاد مشروعة.. كفيلة بجعل المشاهد العربي قبل الأوروبي لأن ينظر لمثل هذا الانتاج، ولمثل شخصي بحجم عظمة القائد الموحد بعين حيادية - على الأقل - كفيلة باعطاء كل ذي حق حقه.. أما على الساحة العالمية فإن ملحمة التوحيد.. كفيلة بجعل المشاهد الغربي يحظى بفرصة لإعادة النظر في نظرته وتقييمه لطبيعة وحقيقة الواقع العربي وواقع جزيرة العرب بشكل خاص ليرى بعين العقل ما وصلت إليه بلادنا عبر فترة زمنية وجيزة في عمر الأمم والشعوب.