عالم السينما العجيب الباهر اجتذب في بدايته رجال أعمال أو رجال صناعة لأسباب عديدة فهو مجال جديد للاستثمار وعائد سريع، وهو أيضًا مغامرة لها جاذبيتها ولكنها مضمونة العائد، وقد ذكر الممثل الإنجليزي الأصل تشارلي تشابلن المنتج سلسلة أفلام ناجحة بأمريكا أن إنتاج فيلم لا يحتاج سوى إلى مكان فسيح مثل جراج سيارات خالٍ لاستخدامه كاستوديو وماكينة تصوير وآلة موسيقية مثل البيانو ثم خرطوم مياه وعدة سطول للمياه وشخصين يطارد أحدهم الآخر أو مجموعة من الأشرار تطارد شخصين أغبياء لأي سبب سواء الحصول على المال أو قلب فتاة جميلة تفضل وتحب الشخص الطيب على الشرير الذي يطارده وتصوير الفيلم في ذلك الوقت لا يحتاج سوى أسبوع من تصوير لتحميض إلى أن يصبح جاهزًا للعرض على الجمهور، حتى إن إنتاج الأفلام السينمائية شجعت المغامرين وأصحاب الطموح مثل الشابين الفلسطينيين: إبراهيم وبدر لاما؛ حيث كوّنا في الإسكندرية شركة «مينا فيلم» وأنتجا أول فيلم عربي صامت طويل باسم «قبلة في الصحراء» قصة وإخراج إبراهيم لاما وتمثيل شقيقه بدر لاما وقد عُرض عام 1927 قبل عرض فيلم «ليلى» لعزيزة أمير بستة أشهر كما أن السينما قد اجتذبت أيضًا رجل الأعمال المعروف د. ماركوس الذي أسّس مع الكاتب التركي وداد عرفي والأستاذ يوسف وهبي صاحب فرقة رمسيس المسرحية شركة سينما توغراف لإنتاج الأفلام المصرية، وهو مشروع سوف يعود بالفائدة على مصر ماديًا وأدبيًا، ومع الاهتمام المتزايد بفن السينما، فقد شهدت السينما العربية في مصر رواجًا كبيرًا في أربعينات القرن الماضي والخمسينات؛ مما دفع رجل الصناعة المعروف طلعت باشا حرب إلى إرسال بعثات في أوروبا وخاصة ألمانيا لشباب مصريين مثل محمد كريم ونيازي مصطفى لدراسة السينما، وقد عادوا وساهموا في النهوض بصناعة السينما، وكان العصر الذهبي للفيلم العربي والرواج الكبير للسينما في حقبة الأربعينات والخمسينات في مصر والفيلم الذي لا يحتوي على أغانٍ أو ليس به بطل مطرب أو مطربة مثل أم كلثوم أو عبدالوهاب كان لا يتكلف ميزانية ضخمة، ولكن هذه الأفلام مع أنها مكلفة إلا أنها ذات مردود عالٍ في العرض السينمائي؛ نظرًا لإقبال الجمهور على مشاهدتها. كما أن الأفلام ذات الميزانيات الصغيرة التي تعتمد على الحركة والكوميديا فميزانيتها محدودة وقد تنجح نجاحًا عظيمًا مثل فيلم «طاقية الإخفاء» إخراج نيازي مصطفى الذي برع في إخراج أفلام الخدع السينمائية والحركة والمطاردات من دراسته في ألمانيا وبطولة الكومديان المصري عبدالمنعم إبراهيم والممثلة زهرة العلا لقد تكلف إنتاج هذا الفيلم سبعة آلاف جنيه مصري، وجمع مائة ألف جنيه في عرضه الأول، وكان ذلك بداية الخمسينات، فهو فيلم ناجح بجميع المقاييس من الناحية الفنية وأيضًا الجماهيرية، مثال آخر لفيلم أمريكي تكلف ميزانية ضخمة في أوائل القرن الماضي، فقد تكلف سبعة مليون دولار في ذلك الوقت من إخراج وإنتاج رجل الاقتصاد والصناعة الأمريكي هيوارد هيوز فهو عن الحرب العالمية، وقد صاحب التصوير حوادث قاتلة منها أن هيوز نفسه تعرّض لحادث سقوط طائرة كان يقودها أثناء التصوير نجم عنه حرائق وكسور استدعت تعطيل العمل، وقد أُنجز الفيلم بعد عدة سنوات من بدء التصوير ولاقى صعوبة في التوزيع والبيع ولم يغطِ في البداية مصاريف إنتاجه إلا أنه في المدى البعيد عُرض وحقق مكاسب؛ حيث إنه أصبح وثيقة واقعية عن الحرب العالمية الأولى، حيث استخدم فيه المنتج الطائرات والحرائق التي كانت سوف تؤدي إلى كوارث وتسبّبت في تعطيل التصوير أكثر من مرة وذلك بسبب أن الخدع السينمائية لم تكن معروفة في ذلك الوقت والحوادث والحرائق كانت حقيقية. أيضًا هناك فيلم حاول صحافي أمريكي (ميشيل مور) أن ينتجه عن إغلاق مصنع جنرال موتورز لأحد مصانعها الفرعية وطرد العمال بهذا الفرع، وقد عانى كثيرًا لجمع 250.000 دولار مصاريف الإنتاج ولم يستطع أن يقنع أي ممول أو بنك بتمويل مشروعه، وقد كان ينتقد شركة جنرال موترز في الفيلم بأسلوب درامي كوميدي يعتمد على تصوير العمال واقعيًا بأسلوب الفيلم التسجيلي، وقد اعتمد على أسلوب المقابلات الشخصية من خلال عمله الأساسي كصحافي منها ملاحقة بعض المديريين التنفيذيين لعلاقتهم بإغلاق المصنع، وقد اعتمد أسلوب جديد في السينما في ذلك الوقت، حيث مزج الأسلوب التسجيلي بالدرامي؛ وذلك لأنه استخدم ممثلين كوميديا مع أشخاص واقعيين، فمزج الواقع بالدرامى، وقد حقق الفيلم في أمريكا نجاحًا منقطع النظير عند عرضه في أوائل التسعينات 1993 وقد لاقى نجاحًا باهرًا حيث إن إيراداته كانت فوق ستة ملايين وسبعمائة ألف دولار، وقد جمع الفيلم أكثر من ذلك داخل وخارج أمريكا عند بيعه لمحطات التلفزيون حول العالم لموضوعه الشيّق الذي وضع في قالب ساخر واعتماده تصوير الحقائق والسخرية من النظام الرأسمالي الذي يؤدي إلى تسريح العمال من وظائفهم، فكان الفيلم وثيقة إدانة في أسلوب «شر البلية ما يضحك».