أصدر القضاة المصريون، الذين يهددون بمقاطعة الانتخابات الرئاسية والتشريعية المقبلة ما لم يحصلوا على ضمانات بأن عمليات الاقتراع ستكون نزيهة، تقريراً أمس السبت يؤكد أن «تزويراً وانتهاكاً للقانون» وقعا أثناء الاستفتاء على التعديل الدستوري في 25 أيار/مايو الماضي. وكان نادي قضاة مصر الذي يضم قرابة ثمانية آلاف قاض من كل الهيئات القضائية المصرية باستثناء مجلس الدولة، قرر في 13 أيار/مايو الماضي الامتناع عن الإشراف على الانتخابات الرئاسية والتشريعية المقررة في ايلول/سبتمبر وتشرين الثاني/نوفمبر المقبلين ما لم يتم إصدار قانون جديد للسلطة القضائية يضمن استقلالاً كاملاً للقضاء عن السلطة التنفيذية ممثلة في وزارة العدل. واشترط نادي القضاة للإشراف على الانتخابات أن يتم إدخال تعديلات على قانون مباشرة الحقوق السياسية لينص على ضمانات تكفل نزاهة عمليات الاقتراع وإشراف القضاء الكامل عليها بدءاً من إعداد كشوف الناخبين حتى إعلان النتائج وتمنع تدخل الشرطة فيها. ولكن نادي القضاة، الذي يرفض اعضاؤه أن تنسب إليهم نتائج انتخابات يؤكدون أنه لا توجد ضمانات لعدم تزويرها، قرر المشاركة في الإشراف على الاستفتاء حول تعديل الدستور. واعتبر النادي أن مشاركة القضاة في الإشراف على الاستفتاء اختبار «لحسن نوايا الحكومة». وشكك تقرير نادي القضاة المكون من تسع صفحات والذي حصلت وكالة (فرانس برس) على نسخة منه في النتائج الرسمية المعلنة للاستفتاء. وأكد أن «95٪ من لجان الانتخاب الفرعية اسندت رئاستها لموظفين لا استقلال لهم ولا حصانة وتعرضوا للترهيب من رجال الشرطة وافلتت تلك اللجان تماماً من رقابة القضاء وكانت مسرحاً لانتهاك القانون وتزوير بيانات حضور الناخبين وبطاقات ابداء الرأي». وأضاف التقرير، الذي استند إلى شهادات طوعية لقضاة شاركوا في الإشراف على الانتخابات أن «عدد اللجان التي رأسها أعضاء الهيئات القضائية لم يزد على 5٪ من إجمالي عدد اللجان البالغ 54350» في جميع أنحاء مصر. ورصد التقرير «قلة الإقبال في اللجان التي رأسها قضاة فالعديد منها لم يحضر امامها أحد من الناخبين ولم يتجاوز متوسط الحضور أمام باقي اللجان 3٪ من المقيدين فيها». وتابع التقرير «على سبيل المثال فإن إحدى اللجان بمحافظة الجيزة (جنوبالقاهرة) تضمنت 243 لجنة فرعية من بينها 12 برئاسة قضاة ولم يحضر أحد أمام 11 لجنة من هذه الأخيرة». وحسب النتائج الرسمية بلغت نسبة المشاركة في الاستفتاء 53,46٪ وأقر التعديل بتأييد 82,86٪ من الناخبين. وأكد التقرير أنه لوحظ في اللجان التي ترأسها موظفون «أن عدد من أثبت حضورهم للتصويت يجاوز 90٪ من عدد المقيدين ووصل في الكثير منها إلى 100٪». وأضاف التقرير أن «الوصول إلى النسبة الأخيرة (100٪) يفترض أن جميع المقيدين أمام تلك اللجان بقوا على حالهم منذ ضبط الكشوف الانتخابية في نهاية العام الماضي وحتى موعد الاستفتاء فلم يتوف أحد منهم ولم يسافر منهم أحد ولم يحل بين أي منهم وبين الحضور حائل من مرض أو عمل أو كسل». وتابع التقرير «وسأل بعض القضاة عدداً من رؤساء تلك اللجان تفسيراً لهاتين الملاحظتين فتنوعت إجاباتهم بين من تهرب من الإجابة ومن اطرق إلى الأرض ولم يرد وقال احدهم إن ضابطاً هدده باعتقاله وأكد آخر أن ضابطاً قال له: أنت مش ناقص بهدلة». وأكد التقرير أن أمين لجنة روى لأحد القضاة أنه «حضر في الليلة السابقة للاستفتاء اجتماعاً لرؤساء اللجان من غير القضاة القيت عليهم فيه تعليمات من ضابط شرطة من رتبة كبيرة بضرورة الوصول بالتصويت إلى نسبة معينة عن طريق ملء بطاقات ابداء الرأي ووضعها في الصناديق نيابة عن من لم يحضر من الناخبين». وحسب التقرير فإن أحد القضاة «لاحظ أثناء الفرز أن موظفاً كان يترأس لجنة انتخابية أبطل عدداً كبيراً من البطاقات، فلما راجعه في ذلك قال له إنه أبطل البطاقات المؤشر عليها بعدم الموافقة على تعديل الدستور». وأكد تقرير نادي القضاة أن عدداً من القضاة «التقط صوراً لصناديق بعض اللجان التي رأسها غير القضاة عند فتحها قبل الفرز ويظهر في احدها بطاقات ابداء الرأي مفرودة على حالتها الأصلية دون طي وتظهر في صورة أخرى مجموعة من البطاقات على هيئة حزمة مربوطة بما يدل على أن هذه البطاقات وتلك لم تدخل الصندوق من فتحته العليا وإنما وضعت به والغطاء مرفوع». وطالب القضاة في ختام تقريرهم بأن يتم دمج بعض اللجان المتقاربة وبأن يجري الاقتراع على عدة أيام حتى يتمكنوا من الإشراف على كل اللجان. غير أن التعديل الدستوري الذي أقر في 25 أيار/مايو ينص على إجراء انتخابات الرئاسة في يوم واحد. وطبقاً لقانون تنظيم انتخابات الرئاسة الذي أقره البرلمان المصري أخيراً فإن اللجنة العليا التي ستكلف الإشراف على الانتخابات ستتشكل من خمسة قضاة وخمس شخصيات عامة يختارهم مجلسا الشعب والشورى اللذان يهيمن عليهما الحزب الوطني الحاكم. وسيعقد نادي القضاة جمعية عمومية في 2 ايلول/سبتمبر المقبل أي قبل الانتخابات بعدة أيام لتحديد موقف نهائي من الإشراف على الانتخابات.